في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتضيع فيه البصائر وسط الضجيج، يعيش العالم الإسلامي واحدة من أعقد مراحله التاريخية: مرحلة الزمن البائس. إنه ليس مجرد وصف لحال، بل تشخيص لحالة حضارية وفكرية وأخلاقية انحدرت فيها الأمة من ذروة الريادة إلى قاع التيه.
أولًا: موت الفكرة وغياب المعنى
في جوهر هذا الزمن المأزوم يكمن موت الفكرة.
لم يعد الدين في وعي الأمة رسالة تحرر وتنوير، بل صار طقوسًا مجوفة تُمارس بلا روح.
تحوّل القرآن من كتاب هداية إلى شعار يُرفع في المحافل، دون أن يُفعل في الواقع.
مات المعنى في قلوب الناس، واحتلّ الخوف والعادة مكان الوعي والاختيار.
ثانيًا: استبداد السلطة وعقم الفكر
كان من قدر الأمة أن تُبتلى بسلطاتٍ سياسية جعلت من الدين أداة طيّعة، ووسيلة لضبط الشعوب.
لم تكن تلك السلطات مؤمنة برسالة الإسلام، بل استخدمته قناعًا لإسكات العقول ومصادرة الحرية.
فغابت العدالة، وانكسر ميزان القيم، وأصبح المنافقون فقهاء، والكذابون زعماء.
ثالثًا: تأليه الماضي وقتل المستقبل
في الزمن البائس، لا يُسمح لك أن تسأل عن الواقع أو تحلم بالمستقبل.
كل ما يُطلب منك هو تمجيد الماضي، حتى وإن لم تفهمه.
تُقدّس الحضارات الغابرة وكأنها معصومة، وتُقتل كل محاولة لتجديد الفكر. إنهم لا يكرهون الكفر، بل يكرهون التفكير.
رابعًا: انحدار الأخلاق وصعود النفاق
حين يُختزل الدين في المظاهر، وينهار العدل، يصبح النفاق سمة المرحلة.
السياسي يكذب، والداعية يبرر، والناس تصفق للباطل من شدة الخوف أو الجهل.
لم يعد الصدق قيمة، بل صار ضعفًا. لم يعد الإخلاص يُكافأ، بل يُدفن تحت أقدام الوصوليين.
خامسًا: في قلب الظلام… ومضة
لكن حتى في هذا الظلام، هناك ومضة أمل. فتيار الوعي الحقيقي بدأ في التشكل، وإن كان بطيئًا. فئة من المفكرين، والمصلحين، والشباب المتنورين، بدأوا يدركون أن الخلاص لا يكون بالهروب من العصر، بل بالعودة إلى جوهر الإسلام: حرية، علم، عدالة، رحمة.
ولادة من رحم الألم
فلسفة الزمن البائس ليست نهاية، بل صرخة من داخل الواقع تدعونا إلى النهوض.
نحن لسنا أمة ميّتة، بل أمة نائمة. ومتى استيقظت، أعادت للزمن معناه، وللحياة نورها، وللدين رسالته الحقيقية.
#فلسفة_الزمن_البائس #العالم_الإسلامي #أزمة_الوعي #انحدار_الأخلاق #استبداد_السلطة #موت_الفكرة #غياب_المعنى #التنوير_الإسلامي #حرية_الفكر #الصحوة_الإسلامية #العدل_المفقود #نفاق_الدعاة #قدسية_الماضي #قتل_المستقبل #وعي_جديد #إحياء_الإسلام #رسالة_القرآن #التحرر_الفكري #أمل_النهضة #الجيل_المستنير