كانت نقابة الأشراف في أربيل واحدة من أهم المؤسسات الدينية والاجتماعية خلال العهد العثماني، وقد أُسست بإرادة سلطانية رسمية، تُعنى بشؤون السادة المنتسبين لآل البيت النبوي الشريف، من أبناء الحسن والحسين عليهما السلام، وتشرف على شؤونهم الدينية والحقوقية والاجتماعية.
تأسيس النقابة
تشير المصادر إلى أن نقابة الأشراف في أربيل تأسست في أواخر القرن التاسع عشر، على الأرجح في ثمانينيات القرن نفسه، في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (حكم من 1876م إلى 1909م).
وقد أولى السلطان عبد الحميد اهتمامًا بالغًا بإحياء وإدارة شؤون العائلات الهاشمية من خلال تعيين نقيب الأشراف في الولايات والمناطق ذات الثقل الديني والاجتماعي.
مهام نقابة الأشراف
كانت النقابة تتولى المهام الآتية:
تنظيم شؤون العائلات الشريفة (الأشراف).
إصدار الوثائق التي تثبت نسب المنتسبين لآل البيت.
إدارة الأوقاف الخاصة بهم.
التوسط في النزاعات بين العائلات ذات الشرف النبوي.
تنسيق العمل مع الإدارة العثمانية المحلية، خاصة في القضايا الاجتماعية والدينية.
أبرز الشخصيات التي تولت نقابة الأشراف في أربيل:
1. السيد الشيخ محمود باشا النقيب
أول من تولّى منصب نقيب الأشراف في أربيل، وكان معروفًا بتقواه وورعه، ويُعد من المؤسسين الفعليين لهيكل النقابة.
2. السيد عبد الله باشا الأحمدلي الرفاعي
تسلّم المنصب بعد وفاة عمه، وكان من رجال الدولة الذين جمعوا بين النسب الشريف والكفاءة الإدارية. تولّى أيضًا منصب رئيس بلدية أربيل مرتين:
الأولى: من 1904 إلى 1907م.
الثانية: من 1913 إلى 1918م.
قام خلال فترة رئاسته بمشاريع مهمة مثل:
فتح شارع السراي الشهير.
بناء حوض مياه خلف جامع تەی بەرماغ، مما حسّن توزيع المياه في المدينة.
3. السيد عمر آغا الأحمدلي
عُيّن مستنطقًا (قاضيًا) لأربيل عام 1892م بفرمان سلطاني. كان من المؤسسين الفعليين للنقابة، وساهم في تنظيم شؤونها بشكل قانوني تحت إشراف الباب العالي.
4. السيد عباس آغا النقيب
والد عبد الله باشا الأحمدلي، وله أثر بارز في توسيع نفوذ النقابة بين أوساط المجتمع.
5. السيد عمر آغا بن عباس آغا النقيب
تابع مهام أسرته في العمل النقابي والاجتماعي، وكان من الأعيان المعروفين في أربيل.
6. سعيد آغا اليعقوبي
أحد الأوجه المعروفة في أربيل التي كان لها دورٌ في دعم النقابة وقراراتها.
أهمية النقابة في المجتمع:
لعبت نقابة الأشراف في أربيل دورًا كبيرًا في تثبيت البُعد الديني والاجتماعي للمجتمع الإربلي، لا سيما في مجتمع متديّن يحترم النسب النبوي. وقد ساعدت النقابة على توحيد الأشراف وتنظيم أمورهم، كما شارك بعض نقبائها في الأعمال البلدية والإدارية، ما زاد من تأثيرهم في الحياة العامة.
إرث النقابة اليوم
رغم زوال الدولة العثمانية، بقيت مكانة الأشراف محفوظة اجتماعيًا، ولا تزال أسماء العائلات التي تولّت نقابة الأشراف تُذكر باحترام في المدينة، وخصوصًا عائلة الأحمدلي الرفاعي التي كان لها الدور الأبرز.