أولاً: كيف شوّه المؤرخون والمستشرقون والغربيون تاريخ التوركمان؟
1. نسبة العلماء إلى العرب أو الفرس:
عندما كان العالم توركماني يكتب بالعربية أو الفارسية، كان المستشرقون والمؤرخون العرب والفرس ينسبونه إلى قومهم بسبب لغته، متجاهلين أصل نسبه العرقي التوركماني.
مثال: الفارابي يُعرض غالبًا كفيلسوف فارسي، رغم وضوح نسبه التركي.
2. تحقير دور القبائل التركية القديمة:
تم تصوير القبائل الأوغوزية (أسلاف التركمان) وكأنهم مجرد بدو محاربين، مع أن قبائل الأوغوز كانت تملك نظمًا اجتماعية وتعليمية عريقة.
3. إهمال الدور الحضاري السلجوقي:
السلاجقة، الذين هم توركمان أصلًا، نشروا الفنون والعلوم والهندسة، ولكن غالبًا يتم إبراز ضعفهم الإداري لاحقًا بدلًا من إنجازاتهم العظيمة في حماية العالم الإسلامي من التفكك والغزو الصليبي.
4. التقليل من إسهامات الأدب التركي:
الأدب الصوفي والشعبي الذي ظهر بين التوركمان (مثل أشعار يونس أمره) أُهمل لصالح الأدب الفارسي أو العربي.
5. رسم صورة عنصرية:
المستشرقون الغربيون في القرنين 18 و19م روجوا لفكرة أن الأتراك أقل حضارة مقارنةً بالفرس أو العرب، لدعم تقسيم منطقة الشرق الأوسط لاحقًا سياسيًا وثقافيًا.
ثانيًا: دور التوركمان في نقل العلوم الإسلامية إلى أوروبا
1. الترجمة والحفظ:
كثير من العلماء التوركمان مثل البيروني والكاشغري جمعوا المعارف في الفلك والجغرافيا والرياضيات، مما سهل على الأوروبيين لاحقًا الاطلاع عليها خلال الحروب الصليبية وعبر الأندلس.
2. تأسيس مدارس علمية عابرة للأقاليم:
النظامية التي أنشأها نظام الملك الطوسي في بغداد ونيسابور أصبحت مراكز علمية كبرى، تعلم فيها كثيرون من العرب والفرس، ومنهم من ترجم لاحقًا كتبهم إلى اللاتينية.
3. تطوير الأدوات الفلكية:
التوركمان صنعوا أدوات فلكية متطورة مثل الأسطرلابات، وتم نقل هذه المعرفة إلى أوروبا لاحقًا عبر الأندلس وصقلية.
4. نقل الفلسفة والمنطق:
شرح الفارابي للمنطق الأرسطي والفكر الفلسفي ساعد في نشوء الفلسفة المدرسية (School Philosophy) في أوروبا، وخاصة في جامعات مثل باريس وأكسفورد.
5. التأثير في الفنون والعمارة:
الطراز السلجوقي التركي في العمارة (القِباب، الأقواس المدببة، الزخرفة الهندسية) انتقل إلى أوروبا وأثر في الطراز القوطي (Gothic) الشهير في الكاتدرائيات الأوروبية.
التوركمان كانوا همزة الوصل الذهبية
بين علوم الحضارات الشرقية القديمة وبين نهضة أوروبا الحديثة،
رغم محاولات طمس هذه الحقيقة لقرون طويلة.