الدكتور مختار فاتح بي ديلي
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
سوريا الجديدة في ظل المشهد السياسي السوري المعقّد بعد إسقاط النظام الفاسد ، تصدرت الساحة بعض الشخصيات التي شغلت ومازال تشغل مناصب سياسية في مؤسسات المعارضة استغلت ظروف الصعبة لتحقيق مكاسب شخصية وجمع ثروات طائلة من خلال تلك مؤسسات التي باتت منتهية الصلاحية من الائتلاف والهيئة التنسيق والحكومة المؤقتة في عنتاب وبعض المنظمات وشلة اتحاد الجمعيات وغيرها .
ومع استمرار انهيار هذه المؤسسات تحت ضغط الشعبي او قلة التمويل الدولي، بدأ بعض هؤلاء بتوظيف جزء من ثرواتهم لشراء الولاءات واستقطاب الأبواق المأجورة والدراويش السياسيين، خاصة في تركيا، وتحديدًا في إسطنبول وغازي عنتاب، اللتين أصبحتا مركزًا للتأثير على المعارضة السورية الحالية بين قوسين طبعا .
ما يثير القلق هو أن هذه المحاولات تهدف إلى بسط نفوذ هذه الشخصيات على مراكز القرار في سوريا المستقبلية، طمعًا في الاستمرار في ممارسات الفساد التي عانى منها الشعب السوري لعقود. فبدلًا من أن تكون سوريا الجديدة وطنًا يسوده القانون والعدالة، يحاول البعض إعادة إنتاج شبكات المحسوبية والفساد من جديد، ولكن بوجوه مختلفة وشعارات خادعة.
ورغم كل هذه المحاولات، فإن الشعب السوري الذي دفع ثمنًا باهظًا من أجل الحرية والكرامة، لن يقبل بعودة ممارسات الفساد بأي شكل من الأشكال. فالمستقبل لسوريا الديمقراطية سيُحدده صناديق الاقتراع، حيث ستقول الأغلبية كلمتها بعيدًا عن النفوذ المالي أو التلاعب السياسي.
لذلك، فإن سوريا الجديدة التي يحلم بها أبناؤها الأحرار ستكون وطنًا خاليًا من الفاسدين والمفسدين، وطنًا يتسع للجميع دون استثناء، حيث لا مكان فيه للمحاصصة أو التمييز بين مكوناته من العرب والتركمان والكرد والجركس والسريان وغيرهم. ستكون دولة تُبنى على أسس العدالة والشفافية، تُحكم بالقانون، ويسودها الحب والتآخي بين جميع أطياف الشعب السوري، بمختلف انتماءاتهم العرقية والدينية والفكرية هذا مانصبوا إليه كل السوريين .
سوريا الجديدة ستنتمي للجميع، دون هيمنة لفئة على أخرى أو تمييز بين مواطنيها. ستعمل على إزالة آثار الماضي المظلم وتأسيس مستقبل يزدهر فيه التعايش السلمي والتعاون المشترك. ولن تكون السيادة سوى للشعب، ولن يكون لأي طرفٍ القدرة على احتكار القرار أو إعادة إنتاج مظاهر الظلم والفساد التي عانى منها السوريون طويلاً.
إن هذا الحلم لن يتحقق إلا بإرادة الشعب السوري الحر، الذي لن يسمح بأن تُسرق تضحياته، وسيعمل بكل عزيمة على بناء دولة قوية، عادلة، وموحدة. دولة تحتضن الجميع، حيث تُسمع أصوات الحق، وتُصان حقوق الجميع دون تمييز أو تحيّز.
الأيام تدور، والتاريخ مليء بالدروس التي تؤكد أن الظلم والفساد لا يدومان. فالعاقبة دائمًا لأصحاب الحق، وللشعب الذي يتوق لبناء وطنٍ خالٍ من الظلم والاستغلال، وطنٍ تسوده العدالة وتُحترم فيه إرادة أبنائه الأحرار.