Dr. Muhtar Fatih Beydili

Tarih: 08.01.2025 11:23

سوريا الجديدة بين تطلعات التحرير من النظام الفاسد وخطر المتلونين والانتهازيين

Facebook Twitter Linked-in

 

 

 

سوريا الجديدة بين تطلعات التحرير من النظام الفاسد وخطر المتلونين والانتهازيين

الدكتور مختار فاتح بي ديلي

كانت الفرحة العارمة التي غمرت قلوب السوريين من كافة أطيافهم انعكاسًا طبيعيًا لرغبتهم العميقة في التخلص من الطغمة الحاكمة، تلك العصابة التي حكمت البلاد بالحديد والنار لعقود طويلة. لم يكن هذا النظام مجرد حكومة ظالمة، بل كان نموذجًا فريدًا في قسوته واستبداده، يندر أن نجد له مثيلًا في تاريخ البشرية. تفنن في سحق الكرامة الإنسانية، وتحطيم كل من حاول رفع صوته أو المطالبة بحقوقه، معتمدًا على آلة قمعية لا تعرف الرحمة  

لم يكن هذا النظام يعمل بمفرده، بل أحاط نفسه بمنظومة كاملة من المصفقين والمطبلين الذين تفننوا في كيل المديح له. لم يكتفوا بذلك فحسب، بل بالغوا حتى وصلوا إلى درجة تأليهه، والعياذ بالله، في مشهد يُبرز انعدام الأخلاق والضمير. هؤلاء كانوا شركاء في الظلم، سواء بوعي أو بدونه، وأضحوا جزءًا من المشكلة التي يجب اقتلاع جذورها لبناء سوريا جديدة  

بين التسامح والمحاسبة  

في ظل التحولات الجارية، قد يُطرح تساؤل عن كيفية التعامل مع أولئك الذين دعموا النظام في السابق. يمكن التمييز بين نوعين  

- النوع الأول: الذين اكتفوا بالتأييد بالكلام فقط، دون أن يكون لهم دور مباشر في الجرائم أو الفساد. هؤلاء قد يكون التسامح معهم ممكنًا بشروط، أهمها أن ينسحبوا من المشهد العام، فلا مكان لمن فقدوا كرامتهم أو ضميرهم في تولي أي مسؤولية مستقبلية. سوريا الجديدة تحتاج إلى أناس صادقين يحملون همّ الوطن، لا الذين باعوا مواقفهم سابقًا  

- النوع الثاني: أولئك الذين دعموا النظام بوقاحة، وانخرطوا في شبكات الفساد والنهب الممنهج. هؤلاء لم يكتفوا بالكلام، بل عملوا جنبًا إلى جنب مع رموز النظام ومجرميه، وتفاخروا بعلاقاتهم بهم لبث الرعب في النفوس وفرض سلطتهم القمعية. هؤلاء يجب أن يخضعوا للمحاسبة العادلة، لأن السماح لهم بأي دور مستقبلي سيهدد كل ما نحاول بناؤه  

خطر المنافقين والانتهازيين  

ما يثير القلق هو أن هذه الفئة الأخيرة بارعة في التلون وتغيير جلودها، تحاول الآن الاندماج في المرحلة الجديدة بادعاء الوطنية والحرص على مصالح الشعب. البعض منهم بدأ فعلاً بالتحرك في الظل، محاولًا التسلل إلى مواقع المسؤولية بطرق ملتوية. هؤلاء، إن لم نكن يقظين لهم، قد يُفرغون المرحلة الحالية من مضمونها، ويُعيدون إنتاج نفس ممارسات النظام القديم لكن بوجوه جديدة  

لذلك، على الجميع، سواء كانوا مسؤولين أو مواطنين عاديين، أن يقفوا صفًا واحدًا ضد تحركاتهم الخبيثة. المرحلة الحالية ليست مجرد انتقال سياسي، بل هي اختبار لإرادة السوريين في بناء مستقبل خالٍ من الفساد والانتهازية. يجب أن يكون لدينا وعي كافٍ لمنع هؤلاء من الوصول إلى مواقع صنع القرار، لأنهم، ببساطة، لا يعملون إلا لتحقيق مصالحهم الشخصية، حتى لو كان الثمن هو مستقبل البلاد

رسالة للمسؤولين والقائمين على المرحلة الجديدة  

نناشد المسؤولين والمعنيين بعملية بناء سوريا الجديدة أن يكونوا حذرين من هؤلاء الفاسدين والمندسين. هؤلاء يحاولون التقرب بادعاءات كاذبة، متظاهرين بالوطنية والحرص على المصلحة العامة، وهم في الحقيقة لا يحملون سوى أجنداتهم الشخصية. يجب أن تكون الأولوية لمن يمتلكون النزاهة والضمير الحي، أولئك الذين وضعوا مصلحة سوريا فوق كل اعتبار  

سوريا حرة ومستقبل مشرق  

إن الفرصة التي بين أيدينا الآن هي فرصة تاريخية. نحن أمام تحدٍ كبير لإعادة بناء وطن حر، يقوم على أسس العدالة والكرامة والازدهار. هذا المشروع لن ينجح إلا إذا أبعدنا كل الفاسدين والانتهازيين، وحافظنا على نقاء المرحلة الجديدة  

سوريا حرة ستنهض من جديد، وستحقق التقدم والرخاء لجميع أبنائها، بإرادة أبنائها الصادقين المخلصين، بإذن الله


Orjinal Köşe Yazısına Git
— KÖŞE YAZISI SONU —