الثورة السورية تحصد ثمار صمودها وإن إسقاط الطغيان لا يكتمل إلا بالإنصاف وإزالة العقوبات المفروضة على سوريا هي بداية لعدالة مؤجلة
ما تحقق اليوم في ملفّ العقوبات، ليس مجرد تطور قانوني أو دبلوماسي، بل هو لحظة فاصلة في مسار التاريخ السوري، تُتوّج سنواتٍ من الصمود الشعبي والنضال الثوري ضد نظام الطاغية البائد، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العدالة والمحاسبة
لقد خاض السوريون واحدة من أعقد الثورات في التاريخ المعاصر، ثورة شعبية انطلقت من رحم المعاناة، وواجهت منظومة قمع غير مسبوقة في الإجرام والتحالفات الدولية المشبوهة. واليوم، وبعد أكثر من عقد من الزمن، يبدأ المجتمع الدولي ولو متأخرًا في الاستجابة لصوت الضحايا، وإنصاف الدم السوري الذي سُفك ظلمًا
غير أن هذا الإنجاز، على أهميته، لم يكن ليرى النور لولا المواقف المشرفة من أشقاء وقفوا إلى جانب الشعب السوري في أحلك الظروف. دولٌ عربية وإسلامية رأت في معركة الحرية السورية معركتها، وفي كرامة السوريين امتدادًا لكرامتها
شهدت الثورة السورية، منذ انطلاقتها في عام 2011، تحولات كبرى على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، ولولا الدعم الذي تلقته من بعض الدول الشقيقة والصديقة، لكانت مساراتها قد واجهت المزيد من العزلة والخذلان. وفي هذا السياق، تبرز ثلاث دول كمحطات محورية في وجدان السوريين، لما قدمته من مواقف ثابتة وجهود حثيثة لمساندة الشعب السوري في قضيته، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني أو الدبلوماسي
ثلاثة يستحقون كل الشكر والاحترام والتقدير من الشعب السوري
أولاً: دولة قطر
منذ الأيام الأولى لانطلاق الحراك الشعبي في سوريا، اتخذت دولة قطر موقفاً مبدئياً مناصرًا لمطالب الشعب السوري في الحرية والكرامة، ووقفت على نحو واضح وصريح إلى جانب تطلعاته المشروعة. ولم تكتف قطر بالدعم السياسي والإعلامي، بل سخّرت إمكانياتها الدبلوماسية والمالية لتأمين احتياجات السوريين على مختلف الصعد. ويعدّ احتفاظ السفارة السورية في الدوحة بعلم الثورة السورية حتى آخر لحظة قبل انهيار التمثيل الرسمي للنظام، رمزًا بالغ الدلالة على ثبات الموقف القطري تجاه القضية السورية
وفي الآونة الأخيرة، لعبت قطر دورًا جوهريًا من خلال تحركات دبلوماسية مكثفة، تمثلت في جولات مكوكية أجراها المسؤولون القطريون مع نظرائهم في الولايات المتحدة الأمريكية، تمحورت حول إعادة النظر في بعض جوانب العقوبات المفروضة على سوريا. وقد ساهمت هذه المساعي بشكل مباشر، وفق ما تشير إليه مصادر دبلوماسية مطلعة، في التوصل إلى تفاهمات جزئية أسفرت عن تخفيف بعض القيود الاقتصادية، وهو ما لقي ترحيبًا واسعًا من قبل السوريين
ثانيًا: المملكة العربية السعودية
تُعدّ المملكة العربية السعودية من الدول التي أولت اهتمامًا كبيرًا بالملف السوري على مدى السنوات الماضية، حيث سعت باستمرار إلى دعم الحلول السياسية التي تضمن وحدة سوريا وسلامة شعبها، وفي الوقت ذاته رفضت بقاء النظام الذي تسبب في مأساة إنسانية كبرى. وقد برز الدور السعودي بشكل لافت في المحافل الدولية، لاسيما من خلال ضغوطها المتواصلة على الأطراف المؤثرة لدفع عملية الانتقال السياسي قدمًا
وفي الشهور الأخيرة، كانت الرياض حاضرة بقوة في الجهود الدولية الرامية إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، خصوصًا تلك التي أدّت إلى إنهاك المواطنين السوريين دون أن تمسّ جوهر النظام القائم. وقد جاء تأكيد الرئيس الأمريكي على الدور السعودي في هذا المسار بمثابة إقرار رسمي بفعالية التحرك السعودي وتأثيره المباشر على مواقف صناع القرار في الغرب. ومن هنا، فإن موقف المملكة يستدعي تقديرًا خاصًا لما انطوى عليه من إدراك لأبعاد الأزمة السورية وتعقيداتها الإنسانية والسياسية
ثالثًا: الجمهورية التركية
أما تركيا، فقد تجلّى دورها في الأزمة السورية على أكثر من مستوى. فمنذ تصاعد وتيرة القتال في الداخل السوري، فتحت أنقرة أبوابها أمام ملايين اللاجئين السوريين الذين فرّوا من بطش النظام، ووفرت لهم الملاذ الآمن والحد الأدنى من مقومات الحياة. وقد تجاوز عدد السوريين المقيمين على الأراضي التركية الثلاثة ملايين، ما يجعل من تركيا الدولة الأكثر استضافة للاجئين السوريين في العالم، وهو أمر لم يخلُ من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة تكفلت الدولة التركية بإدارتها رغم تعقيداتها
وفي السياق السياسي والدبلوماسي، كانت تركيا من أبرز الدول الفاعلة في المشهد السوري، سواء عبر مشاركتها في مسار أستانا وسوتشي أو من خلال علاقاتها الثنائية مع القوى الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وتشير تصريحات رسمية أمريكية حديثة إلى أن تركيا لعبت دورًا ملحوظًا في المباحثات التي أسفرت عن بعض التخفيف في منظومة العقوبات المفروضة على سوريا، بما يسهم في تخفيف المعاناة عن الشعب دون أن يمنح النظام أي شرعية
إن الشعوب، بخلاف الأنظمة، تحتفظ بذاكرة تاريخية عميقة لا تنسى المواقف النبيلة ولا تتجاهل الأيادي البيضاء. ولذا، فإن الشعب السوري، على اختلاف انتماءاته ومشاربه، مدين بالشكر والعرفان لكل من دولة قطر والمملكة العربية السعودية والجمهورية التركية، لما قدموه من دعم حقيقي في محنته الطويلة. ولا شك أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما جاء في الحديث الشريف، فالشكر هنا ليس مجاملة عابرة بل هو اعتراف بأدوار مؤثرة ساهمت، ولا تزال، في صون كرامة الإنسان السوري والدفاع عن حقه في حياة حرة وكريمة
هذه اللحظة ليست نهاية الطريق، بل بدايته. وهي لا تعني فقط رفع عقوبات أو فرضها، بل تعني أن عجلة العدالة بدأت بالدوران، وأن التاريخ لا يرحم الجلادين. وإننا كسوريين، نعي جيدًا أن المرحلة القادمة تحتاج منا وحدة صفّ، ووضوح بوصلة، واستمرارًا في العمل السياسي والقانوني والميداني لتحقيق ما خرجنا من أجله: دولة حرة، عادلة، ديمقراطية، تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه
في النهاية نقول بأن الثورة السورية تحصد ثمار صمودها وإن إسقاط الطغيان لا يكتمل إلا بالإنصاف وإزالة العقوبات المفروضة على سوريا هي بداية لعدالة مؤجلة
#Google #Barinajans #Suriye Türkmenleri #Suriye #Suriye Türkmen Cephesi
Google #Barinajans #sallandık #deprem #Hissettik #afad #Erol Bilecik #Kandilli #Kontenjanİstemiyoruz #Hasan Tahsin #Mahmut Uslu #Esila Ayık #Cihan Aydın #Lozan #Putin #Nurettin Yıldız #Trump #Boğaziçi Üniversitesi #Şeriat #Kürt #Vatananın Geleceği #Kürt #DYOR #Özgür #Sayın #Ukrayna #Seninleyiz Reis #TobbStajyerveÇırağaSahipÇık