9102,02%-1,02
39,66% 0,14
45,74% 0,17
4272,58% -0,42
6910,88% 0,00
تُعد المصارعة التقليدية إحدى أبرز الممارسات الثقافية والاجتماعية في المجتمعات التركمانية، وقد حافظ تركمان جبل التركمان في ريف اللاذقية شمال غرب سوريا على هذا التقليد العريق بوصفه جزءًا من هوية جماعية تمتد جذورها إلى القرون الماضية. لم تكن المصارعة مجرد رياضة أو نشاط بدني، بل شكّلت طقسًا ثقافيًا ذا أبعاد رمزية تُجسّد معاني الشجاعة، الرجولة، التحدي، والانتماء القومي، وهي عناصر جوهرية في البنية الثقافية التركمانية.
المصارعة كطقس اجتماعي ومكون من مكونات الهوية
من خلال تتبّع الممارسات الشعبية في جبل التركمان، يتبيّن أن المصارعة لم تكن مجرد حدث رياضي منفصل، بل كانت تُدمج غالبًا ضمن المناسبات الاجتماعية الكبرى مثل الأعراس، الأعياد القومية، والمناسبات الوطنية، لتصبح عنصرًا احتفاليًا له طقوسه الخاصة. كانت المصارعة تُقام عادةً في الساحات العامة أو “البيادر”، وهي فضاءات مفتوحة في قلب القرى، ما يمنحها طابعًا شعبيًا جماعيًا. ويتحول المشهد حينها إلى مهرجان شعبي مصغّر، يتجمع فيه الأهالي من مختلف الأعمار، تتعالى فيه الهتافات، وتُشعل فيه الحماسة الجماعية التي تُعيد إحياء تقاليد الأجداد في أجواء احتفالية.
يُشير الباحثون في الثقافة الشفوية إلى أن المصارعة في جبل التركمان كانت تمثل نوعًا من التواصل بين الأجيال، حيث يُشجّع الآباء أبناءهم على المشاركة، ويُقدّم الشيوخ روايات عن المصارعين القدامى وقصص البطولات السابقة. هذا التراكم الرمزي أعطى المصارعة وظيفة مزدوجة: فهي من جهة تعبير عن المهارة البدنية، ومن جهة أخرى وسيلة لحفظ التراث وتوريث القيم المجتمعية.
الهوية الثقافية في مواجهة الطمس والتهميش
لقد تعرّض المكون الثقافي التركماني في سوريا، وخصوصًا في المناطق الطرفية مثل جبل التركمان، لمحاولات ممنهجة لطمس الخصوصية الثقافية، بما في ذلك القيم التراثية، اللغة، والطقوس الاجتماعية. وفي هذا السياق، أصبحت المصارعة الشعبية وسيلة غير مباشرة لمقاومة التذويب الثقافي، إذ حافظ المجتمع المحلي عليها بوصفها رمزًا للتماسك الاجتماعي والانتماء العرقي، يُمارس بحرية خارج الأطر الرسمية. وبالرغم من غياب أي دعم مؤسساتي، استمرت هذه الطقوس بفضل المبادرات المجتمعية والأعراف المحلية.
المنافسة والتقاليد: بين الحماسة والودّ
تتميّز المصارعة التركمانية في جبل التركمان بطابعها الودي والاحتفالي، على الرغم من وجود منافسة حقيقية بين المتبارين. فالمشاركة لم تكن محصورة بفئة أو طبقة معينة، بل كانت مفتوحة لكل من يمتلك البنية الجسدية والجرأة، ما يعكس الطابع الديمقراطي للممارسة. وفي العادة، كانت الفرق المصارعة تتكوّن من شباب القرى المجاورة، وكان حضورها في الأعراس والمناسبات يُعدّ مصدر فخر ومكانة للعائلة المضيفة.
وقد لعبت هذه المصارعة دورًا في تجسيد قيم الرجولة والانضباط والاحترام، حيث كان المصارعون يلتزمون بقواعد غير مكتوبة تُقرّها الأعراف، مثل عدم الإيذاء المتعمد أو احترام الخصم بعد نهاية النزال. ويُعدّ هذا الشكل من الرياضة التقليدية أداة لتقوية الروابط الاجتماعية، إذ يُسهم في تعزيز التلاحم القروي وترسيخ مفاهيم الأخوة والانتماء.
نحو توثيق التراث اللامادي
إن المصارعة التركمانية في سوريا، وتحديدًا في جبل التركمان، تُعد من عناصر التراث الثقافي غير المادي التي تستحق التوثيق والحماية. فهي ليست مجرد موروث شعبي، بل تمثّل امتدادًا لهوية جماعية تركمانية، صمدت في وجه التحولات السياسية والاضطرابات الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى إدراج هذه الممارسة ضمن سجلات التراث الشعبي السوري والتركماني، وتوثيقها شفهيًا وبصريًا بالتعاون مع كبار السن والممارسين والمجتمع المحلي.
إن إعادة الاعتبار للمصارعة التقليدية التركمانية في سياق الدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية تُسهم في إبراز تنوع البنية الثقافية السورية، وتؤكّد أن الهوية الوطنية تتسع لتشمل روافدها القومية والثقافية المختلفة، ومن ضمنها الروافد التركمانية التي تشكّل مكونًا أصيلًا في النسيج الاجتماعي للبلاد.
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
#Dr Muhtar Beydili #Google #Barınajans
#Suriye Türkmen Cephesi #Suriye Turkmenleri #Irak Türkmenleri #Google #Barınajans #Terörsuz Türkiye #TSK #ilk #Google #Barinajans #Hasan Barın #Rusya #deprem #sallandık #Eurovision2025 #Nemo #San Marino #israile #isveç #Cengiz Topel #Estonya #Peynirli #Siyonist #Austria #deprem #özgür #Seçim #Yeni #Rehabilatasyon Eğitim #Hayır #Macron #İstanbul Fizik Tedavi