9102,02%-1,02
39,66% 0,14
45,74% 0,17
4272,58% -0,42
6910,88% 0,00
أول لقاء لرئيس أمريكي مع رئيس سوري منذ 25 عاماً
في حدث تاريخي، التقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره السوري أحمد الشرع على هامش قمة مجلس التعاون الخليجي – الولايات المتحدة في الرياض، ليكون أول اجتماع مباشر بين رئيسي البلدين منذ ربع قرن
اللقاء يُعد كسرًا للجليد بعد سنوات من القطيعة
ترمب وصف الخطوة بأنها "بداية جديدة في العلاقة مع سوريا"
الشرع: مستعدون للتعاون الإقليمي وفتح صفحة جديدة
الاجتماع جاء بعد إعلان واشنطن رفع العقوبات عن دمشق، ما قد يفتح الباب لتحولات سياسية كبرى في المنطقة
في مشهد سياسي غير مسبوق، حملت العاصمة السعودية الرياض حدثًا مفاجئًا تمثل في لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس السوري المعيّن للمرحلة الانتقالية فاروق الشرع، معلنًا بداية مرحلة جديدة في تاريخ سوريا والمنطقة. لم يكن الحدث بروتوكوليًا فقط، بل لحظة مفصلية أعادت صياغة المعادلات القديمة، وأطلقت العنان لتوازنات إقليمية جديدة تتبلور على أنقاض عقد من الصراع الدموي والتجاذب الجيوسياسي
أولًا: تحول في مركز الثقل الإقليمي
اللقاء يعكس تحولًا واضحًا في مركز القرار في الشرق الأوسط. لم تعد طهران أو دمشق القديمة مركز الثقل في إدارة ملفات المنطقة، بل انتقلت الدفة إلى محور "الاعتدال السنّي" المتمثل بالرياض وأنقرة والدوحة، والذي يسعى إلى هندسة منطقة "بلا إيران"، أو على الأقل بإيران محاصَرة النفوذ، ومحدودة التأثير
الرياض، عبر هذا اللقاء، تعلن أنها لم تعد مجرد عاصمة نفطية، بل عاصمة سياسية تصيغ المرحلة وتستضيف ولادة التفاهمات الكبرى. أما تركيا وقطر، فتلعبان أدوارًا محورية في دعم التحول السوري الجديد، سواء سياسيًا أو لوجستيًا أو حتى فكريًا
ثانيًا: إعادة تعريف الشرعية السورية
منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، بقيت مسألة "الشرعية" محل جدل دولي وإقليمي. هل هي شرعية صناديق الاقتراع؟ شرعية القوة العسكرية؟ شرعية ما يسمى "محاربة الإرهاب"؟ اللقاء بين ترامب والشرع يقدم مقاربة جديدة: الشرعية ليست في بقاء النظام أو زواله، بل في تأسيس عقد اجتماعي وسياسي جديد، يعيد سوريا إلى محيطها العربي، ويفتح الباب أمام إعادة الإعمار، وعودة ملايين اللاجئين، ضمن دولة مؤسسات، لا دولة أمن أو ميليشيات
الشرع، الذي يُنظر إليه كوجه مقبول دوليًا وعربيًا، يشكل شخصية توافقية، قادرة على لعب دور انتقالي يجمع بين الخبرة البيروقراطية والشرعية السياسية، دون أن يكون مرتهنًا لمحور بعينه
ثالثًا: أنهيار المشروع الإيراني في سوريا
طهران، التي استثمرت طيلة سنوات الصراع في دعم نظام الأسد بالمال والسلاح والميليشيات العابرة للحدود، وجدت نفسها فجأة أمام معادلة جديدة لا مكان لها فيها. مشروعها الإمبراطوري الذي كان يعوّل على دمشق كحلقة وصل بين بغداد وبيروت، يتعرض اليوم لتفكيك ممنهج، سياسيًا وعسكريًا، بدعم دولي وإجماع إقليمي
رسالة اللقاء واضحة: ما كان يُمنح بقوة السلاح بات يُسحب بقوة التفاهمات الكبرى. فالميليشيات التي كانت تُملي قرارات دمشق باتت محط إدانة، ومشروع "الهلال الشيعي" يتقلص لحساب مشروع عربي/إسلامي جامع
رابعًا: ترامب والرسالة الأمريكية الجديدة
رغم شخصية ترامب المثيرة للجدل، فإن الرسالة الأمريكية التي حملها اللقاء كانت حاسمة: لا عودة للأسد، ولا بقاء للمنظومة الأمنية القديمة. الولايات المتحدة، التي تجنبت الغوص في وحول الصراع السوري خلال عهد أوباما، عادت لتضرب على الطاولة وتشارك بفعالية في تشكيل خريطة الحل السياسي
واشنطن تقود، ومعها حلفاؤها العرب، عملية إعادة تأهيل سوريا عبر مسار مختلف تمامًا، عنوانه: "الهندسة السياسية الجديدة"، بتوازنات داخلية تشمل جميع مكونات الشعب السوري، وتوازنات إقليمية تستبعد التدخلات الأجنبية غير العربية، وتفتح الباب لحلول واقعية وقابلة للتنفيذ
خامسًا: سقوط سيناريوهات التقسيم
لطالما جرى التلويح بمشاريع التقسيم، سواء على أسس طائفية أو عرقية أو مناطقية. غير أن التفاهمات الإقليمية الجديدة، والتي عكستها لحظة الرياض، تشير بوضوح إلى إغلاق هذا الملف. لا فيدراليات مفروضة، ولا كانتونات مسلحة، بل دولة واحدة موحدة، تنبع شرعيتها من الداخل، وتتلقى الدعم من الخارج وفق شروط واضحة: سيادة القانون، إنهاء حكم الميليشيات، وضمان حقوق جميع المكونات دون تمييز
ما هي مطالب ترمب الخمسة من الشرع بعد رفع العقوبات؟
بينها ترحيل المقاتلين الأجانب وتحمل مسؤولية مراكز احتجاز «داعش» شمال شرقي سوريا
33 دقيقة أمضاها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس السوري أحمد الشرع بدعوة ورعاية من الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، كما انضم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاتفياً إلى هذا اللقاء
وكان هذا اللقاء هو الأول بين رئيسي الولايات المتحدة وسوريا منذ 25 عاماً، وجاء بعد إعلان مفاجئ من ترمب بأن الولايات المتحدة سترفع كل العقوبات عن سوريا
وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض في بيان، إن الرئيس ترمب تعهّد بالعمل جنباً إلى جنب مع المملكة العربية السعودية لتشجيع السلام والازدهار في سوريا، فيما أشاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أيضاً بقرار الرئيس ترمب رفع العقوبات، ووصفه بأنه قرار شجاع
وأشارت كارولين ليفيت إلى أن الرئيس ترمب شكر الرئيس إردوغان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على صداقتهما، وقال للرئيس السوري أحمد الشرع، إن لديه فرصة عظيمة للقيام بشيء تاريخي في بلاده، وشجّعه على القيام بعمل عظيم للشعب السوري
كما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن ترمب قوله، إن لقاءه مع الشرع كان «عظيماً»
وأوضحت كارولين ليفيت أن الرئيس ترمب حدّد 5 مطالب موجّهة إلى الرئيس السوري، الأول، هو التوقيع على اتفاقية إبراهام للتطبيع مع إسرائيل، والثاني مطالبة جميع المقاتلين الأجانب بمغادرة سوريا، والثالث ترحيل عناصر إرهابية من حركات فلسطينية، والرابع مساعدة الولايات المتحدة على منع عودة «داعش»، والمطلب الخامس والأخير هو تحمل مسؤولية مراكز احتجاز «داعش» في شمال شرقي سوريا
من جانبه، وجّه الرئيس الشرع الشكر للرئيس ترمب وولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس التركي إردوغان على جهودهم في تنظيم الاجتماع، وأقر بالفرصة المهمة التي أتاحها خروج الإيرانيين من سوريا، فضلاً عن المصالح الأميركية السورية المشتركة في مكافحة الإرهاب والقضاء على الأسلحة الكيميائية
وأكد الرئيس الشرع التزامه بفك الارتباط مع إسرائيل عام 1974، وأعرب عن أمله في أن تكون سوريا بمثابة حلقة وصل مهمة في تسهيل التجارة بين الشرق والغرب، ودعا الشركات الأميركية إلى الاستثمار في النفط والغاز السوريين
وقبل لقائه الرئيس الأميركي، عرض الشرع عدة أفكار لتعزيز العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة، منها بناء برج باسم الرئيس ترمب في العاصمة دمشق، وأبدى انفتاحاً لتحقيق انفراجة مع إسرائيل، ووصول الولايات المتحدة إلى احتياطيات النفط والغاز السورية
وأشارت تقارير صحافية إلى جوناثان باس، الناشط المؤيد لترمب الذي التقى الرئيس السوري أحمد الشرع لمدة 4 ساعات في دمشق في 30 أبريل (نيسان)، إلى جانب ناشطين سوريين وممثلين من دول الخليج العربي. وكان ذلك جزءاً من جهد أوسع نطاقاً للتوسط في عقد اجتماع بين الشرع والرئيس ترمب في الرياض صباح الأربعاء
وقد أعلن ترمب للصحافيين إنه يريد منح سوريا «بداية جديدة» من خلال رفع العقوبات، وقد أدّت هذه العقوبات إلى عزل سوريا عن النظام المالي العالمي، ما أعاق التعافي الاقتصادي بعد 14 عاماً من الحرب
وكان لقاء ترمب والشرع بمثابة مفاجأة؛ نظراً لجدول أعمال ترمب المزدحم والافتقار إلى التوافق داخل فريقه حول كيفية التعامل مع سوريا
ويقول المحللون إن مبادرة ترمب لرفع العقوبات الأميركية عن سوريا، ثم لقاء الرئيس أحمد الشرع يستهدف تهدئة التوترات مع إسرائيل التي صعّدت غاراتها الجوية في سوريا منذ الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد تحت ذريعة حماية الدروز والأقليات السورية، وأشارت وكالة «رويترز» إلى مفاوضات غير مباشرة أجراها الشرع مع إسرائيل بوساطة إماراتية بهدف تهدئة التوترات
خلاصة: ولادة مشروع سياسي جديد لسوريا والمنطقة
نحن أمام مشهد تاريخي، لا يُختزل بإسقاط شخص أو إنهاء نظام، بل بإعلان ميلاد مشروع جديد لسوريا وللشرق الأوسط. المشروع قائم على
توازن قوى جديد يستبعد الهيمنة الإيرانية
شرعية سياسية نابعة من التوافق لا الغلبة
دور فاعل للدول العربية في صياغة الحل
وإرادة أمريكية تقود ولا تكتفي بالمراقبة
لحظة لقاء ترامب والشرع ليست مجرد صورة، بل إعلان عن ولادة شرق أوسط مختلف، تنكسر فيه الأحلام الإمبراطورية، ويُعاد فيه رسم الجغرافيا السياسية على أسس جديدة: مؤسسات، لا ميليشيات… شراكات، لا هيمنة… دولة، لا طائفة
الدكتور مختار فاتح