9203,37%1,11
39,62% 0,16
45,68% 0,20
4296,95% 0,15
6933,62% 0,33
في زمنٍ تختلط فيه المعايير، وتتبدل فيه الأقنعة، تبدو الثورة وكأنها تبتعد، وتخبو في وجدان البعض. لكن الحقيقة الأعمق أن الثورة، ككل فكرة نابعة من شعور بالظلم والرغبة في التغيير
فالثورة اذا ليست حدثًا عابرًا، بل فكرة متجذرة في الضمير الثائرين. الفكرة لا تموت، لا تُنفى، لا تُقمع، لأنها تعيش في الوعي، وتتنفس من وجع الناس وأملهم في التغيير. ما دام هناك ظلم، فستبقى الثورة حيّة، حتى إن خفت صوتها أحيانًا تحت ركام القمع أو أعياء السنين. لأن الثورة ليست لحظة تفجّر فقط، بل فكرة والفكرة لاتزول بقصف الطائرات، ولا تُجهض في غرف التفاوض، ولا تُنفى مع أصحابها
فالفكرة تبقى ما دام هناك ظلم تتوارى أحيانًا تحت أنقاض المدن المنكوبة، أو خلف صوت التعب الجماعي، لكنها لا تختفي. تبقى حاضرة في الضمير، في الذكريات، في الأسئلة المعلّقة، في الأحلام المؤجلة، في قصص الشهداء، وصرخات المعتقلين، وحتى في نظرات الخذلان من أولئك الذين لم يعودوا يؤمنون بشيء
لكن بالمقابل، هناك فكرة أخرى لا تقل خطورة: فكرة التشبيح
أن التشبيح بدوره ليس مجرد ظاهرة صوتية أو شراسة أمنية، بل هو أيضًا فكرة. وهذه الفكرة تكون ملوثة، تتغذى على الاجرام، وتُروَّج عبر تزييف الوعي، وقلب القيم، وتطويع الكرامة لتخدم الحاكم الدكتاتوري المستبد. خطورتها أنها لا ترتبط فقط بالرصاص، بل تُحسن استخدام الكلمة، والصورة، والخطاب تُجمّل القبح، وتمنح الخيانة رتبة الشرف
وهي لا تقتصر على رجال الأمن المدججين بالسلاح، ولا على الأصوات الصاخبة التي تُمجّد الطغاة على شاشات النظام. بل هي منظومة فكرية، تتغلغل في اللغة، وتُنتج خطابًا يبرر القمع، ويمجّد القوة العمياء، ويُزيّن الاستبداد بثوب الوطنية أو الواقعية. أخطر ما في هذه الفكرة أنها قادرة على التكيّف، بل تتحور، وتعود في كل مرحلة بوجه جديد
واليوم، في لحظة الإنهاك، وفي ظل انسداد الأفق السياسي، يعود التشبيح بثوب جديد: تشبيح ناعم، بلسان “الواقعية السياسية”. يُسوَّق من بعض المثقفين والناشطين السابقين، الذين باتوا يرون في الثورة عبئًا، وفي النظام قدرًا لا مفر منه. هؤلاء يطرحون “حلولًا وسطية” ظاهرها التعايش، وباطنها التصفية الرمزية للثورة. يروّجون لـ"سوريا المستقبل" بشرط واحد: إسقاط الثورة لا النظام ولايستحون من تصدرهم المنصات والساحات والاحتفالات التي تقام هنا وهناك بمناسبة انتصارات ثورة الحرية والكرامة السورية باسقاط الديكتاتور المجرم بشار الوحش
هنا يصبح الخطر مضاعفًا، لأننا لا نواجه فقط أدوات النظام، بل نخوض معركة وعي داخل الصف ذاته. المعركة لم تعد فقط على الأرض، بل في العقول. لم تعد فقط بين مستبد وثائر، بل بين الذاكرة والنسيان، بين الحقيقة والتزييف، بين من يرى في الثورة أملًا، ومن يراها خطأً تاريخيًا وجب تصحيحه
ولذلك، إن ما تحتاجه الأجيال القادمة ليس فقط رواية تاريخية عن الثورة لان أخطر ما يُهدد ثورتنا اليوم ليس رصاص العدو فقط، بل تآكل الوعي داخل الصف أن يتحول الخطاب من الدفاع عن الكرامة إلى تبرير المهانة من مواجهة الظالم إلى مهادنته أن يتحول النضال إلى وظيفة، والثورة إلى عنوان فارغ
اليوم نحن أمام لحظة مفصلية، يتطلب فيها الدفاع عن الثورة أكثر من مجرد شعارات. تحصين الثورة لا يكون فقط بالبندقية، بل نحن بحاجة إلى تحصين فكري عميق، بالوعي النقدي وعي يُفرز ولا يبتلع، يُناقش ولا يُصفّق، يُدافع عن الحقيقة لا عن الأشخاص وعي يزرع في الأجيال القادمة مناعة فكرية تحميهم من الانكسار والتطبيل، من خديعة التسويات المجانية، ومن التعايش مع الذل باسم الواقعية
يجب أن نُربّي أبناءنا على التمييز بين الثورة التي تُولد من ألم الناس، والتشبيح المُقنّع الذي يُسوّق كخلاص بين المقاومة التي تدفع ثمن الكرامة، والانبطاح الذي يتغلف بشعارات "الواقعية" هذه المناعة لا تُزرع في يوم واحد، بل تُبنى عبر التعليم، والثقافة، والقدوة، والاحتكاك الدائم بالحقائق لا الأوهام
علينا أن نعيد الاعتبار للفكرة لأن من يملك الفكرة، يملك المستقبل
الثورة لم تُهزم، لكنها محاصرة. لا بالعسكر فقط، بل بحرب فكرية ناعمة تستهدف جوهرها، وتشوش على معناها، وتحاول إعادة تعريفها وفق ما يخدم مصالح المنتصرين مؤقتًا
وختامًا، السؤال الذي يجب أن نطرحه بلا توقف
كيف نُحصِّن ثورتنا من التشبيح المتحوّل؟ وكيف نزرع في أبنائنا مناعة فكرية تقيهم خيبات المستقبل؟
إن الجواب لن يكون بسيطًا، لكنه يبدأ من هنا: من الاعتراف أن المعركة لم تنتهِ، بل تحوّلت. وأن من يكسب معركة الوعي، هو من يكتب الغد
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
#Suriye #Suriye Türkmen Cephesi #Hatay #Hapiste #AFAD #Hepimize #Millet #Kentsel #AK Parti #Hindistan #azerbaycan #Göztepe #waleupmuslim #yüzdeyüzmüzik #picemiyeti #Uyan Müslüman #Ermeni #Hidra #Pana #Pakistan #Ayağınıza #ReisvarENGELyok #UzmanÇavus #Murat #KademeliEmeklilik #StajerÇırakAranıyor #Ürettik #HayırlıCumalar