9311,88%-2,19
38,85% -0,32
44,87% -0,99
4344,50% 1,44
6989,75% 1,74
حينما يُفضح الجبناء من حيث أرادوا الفضح: قصة صورة أسيرٍ تحوّلت إلى وسام شرف
بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، انقسم العراقيون بين من قاوم الاحتلال دفاعًا عن الأرض والسيادة، وبين من هرول إلى بوابات المنطقة الخضراء، يطلب الرضا من الغزاة ويصافح المحتلين بأيادٍ ترتجف من الطمع لا من الخوف. في خضمّ هذا المشهد، كان هناك رجال رفضوا المساومة، اختاروا طريق الكفاح ورفعوا السلاح في وجه الغاصب، وأحمد الشرع كان أحد هؤلاء
وبعد سنوات، عندما ظنّ البعض أن الوقت قد حان لتشويه الرموز الحقيقية للمقاومة، لجأ بعض الإعلاميين في العراق – ممن كانوا يومًا يعتاشون على فتات الاحتلال – إلى نشر صور ووثائق تُظهر الرئيس أحمد الشرع معتقلاً لدى القوات الأمريكية. أرادوا من تلك الصور أن تكون وصمة عار في تاريخه، ووسيلة للنيل منه أمام جمهوره وأمام التاريخ
لكنهم أخطأوا التقدير
فالصورة التي أرادوا أن تكون فضيحة، تحوّلت إلى وسام شرف. لم يظهر فيها رجل مهزوم، بل رجل صامد، دفع ثمن موقفه النبيل ورفضه للذل. لم يكن متورطًا في صفقات بيع الوطن، ولم يكن يشارك في مؤتمرات العمالة برعاية المحتل، بل كان في سجونهم لأنه وقف ضد مشروعهم، ولأنه حمل سلاحه دفاعًا عن كرامة أمةٍ كانت تنزف
في تلك اللحظة، ظهر الفارق الجوهري: أحمد الشرع كان يقاتل على ترابهم دفاعًا عن سيادة العراق، بينما كانوا هم يُبرمون الاتفاقيات في أروقة الاحتلال، يفاوضون على مناصب ومكاسب زائلة. كان يقاتل بينما كانوا يُسبّحون بحمد المحتل ويبررون جرائمه
إنهم لم يُظهروا عار أحمد الشرع، بل كشفوا عارهم. لم يُسقطوه، بل رفعوه. لم يُحطّوا من قدره، بل أسقطوا أنفسهم في وحل التبعية والخذلان
هذه ليست مجرد صورة، بل شهادة على من كان في صفّ الأمة، ومن باعها في أوّل المزاد
الرئيس أحمد الشرع: سيرة من الجهاد والثبات
أحمد الشرع لم يكن مجرد مقاوم، بل كان أحد أبرز القادة الذين تبلورت على أيديهم مشاريع الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي في العراق، وامتدت تجربته إلى ملفات الأمة في أكثر من ساحة. نشأ في بيئة مؤمنة بقضية الأمة الكبرى، وبرز منذ شبابه بصلابة مواقفه ونقاء توجّهه، ما جعله هدفًا مبكرًا لقوى الاحتلال وحلفائها المحليين
تاريخ الاعتقال: 2005/4/14 حيث أُشير بأنه كان معتقلاً لدى القوات الأمريكية وتم إيداعه سجن بوكا، ثم تم تسليمه إلى الحكومة العراقية بتاريخ 2010/4/22 بموجب موقوف تحت المحاكمة. لم يتم إصدار مذكرة قضائية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى العراقي بحقه
-تم إخلاء سبيله بتاريخ 2011/12/31 لعدم مطلوبية لأي جهة تحقيقية وعدم كفاية الأدلة المتحصلة ضده، بناءً على قرار قاضي محكمة التحقيق المختصة بقضايا المعتقلين (قاضي تحقيق شؤون المحتجزين)
حيث ان اعتقاله لسنوات طويلة في السجون الأمريكية والعراقية ، وتعرّضه لشتى صنوف التعذيب والضغوط النفسية، لكنه لم يوقّع على ورقة تنازل واحدة، ولم يبدّل من ثوابته. خرج من الأسر أكثر صلابة، وأكثر وعيًا بتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، فانتقل من موقع القائد الميداني إلى موقع المفكّر السياسي، دون أن يتخلّى عن مبادئ المقاومة والجهاد
بل وأكثر من ذلك، فإن خروجه من سجون الاحتلال الأمريكي، ثم لاحقًا من سجون النظام العراقي، كان خروجًا ناصعًا لا تشوبه شائبة. لم يُدان بأي تهمة حقيقية، ولم تثبت عليه أي جريمة كما ادّعى أعداؤه، بل خرج بريئًا، شامخًا، مرفوع الرأس، نظيف السجل، صافي الموقف. تلك البراءة لم تكن قانونية فحسب، بل كانت أخلاقية وتاريخية، رسخت مكانته كأحد أنقى رموز المرحلة
في زمن الانبطاح، ظل صوته عاليًا، وموقفه ثابتًا، لا يراوغ في المبادئ، ولا يساوم في قضايا الأمة. ولذلك، فإن كل محاولة لتشويه صورته سرعان ما ترتد على أصحابها، وتكشف زيفهم أمام صدقه
الثورة السورية: موقف لا يلين
عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، لم يكن أحمد الشرع من أولئك الذين التزموا الصمت انتظارًا للغلبة، بل كان من أوائل من أعلنوا وقوفهم الصريح إلى جانب الشعب السوري في مطالبه العادلة بالحرية والكرامة، في وجه نظامٍ مجرمٍ لم يتورع عن استخدام كل وسائل القتل والتدمير ضد شعبه. لم يتعامل مع الثورة السورية كملف طارئ، بل كجزء من مشروع تحرر الأمة، وامتداد طبيعي لمواجهة الهيمنة الدولية والأنظمة التابعة لها
ورغم تعقيدات الساحة السورية، ظل موقفه واضحًا: لا شرعية للنظام القائم، ولا مستقبل لسوريا في ظل حكمه. كما رفض التوظيف الطائفي للثورة، ورفض كذلك احتكارها من قبل قوى تغرّد خارج نطاق مصلحة الأمة، مؤكدًا أن الثورة يجب أن تبقى تعبيرًا نقيًّا عن إرادة الشعب لا أجندات الداعمين
في ساحات الجوار: نظرة استراتيجية شاملة
لم تكن نظرة أحمد الشرع حبيسة حدود العراق أو سوريا، بل حمل في رؤيته الهمّ الإسلامي العام، مدركًا أن ما يحدث في فلسطين أو اليمن أو أفغانستان أو ليبيا، هو جزء من صراع أشمل بين الأمة وأعدائها. دعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، واعتبر أن التطبيع مع العدو الصهيوني خيانة لا تبررها واقعية سياسية ولا موازين قوى. وفي الشأن الليبي واليمني، دعا إلى رفض الوصاية الأجنبية، والتمسك بخيار الشعوب في تقرير مصيرها
أما على مستوى دول الجوار، فكان موقفه واضحًا تجاه المشروع الإيراني التوسعي، محذرًا من خطورته على وحدة الأمة، دون أن يساير الدعاية الطائفية أو الخطاب المذهبي الرخيص. كما رأى في المشروع التركي، رغم تحفظاته على بعض مراحله، فرصة لتوازن إقليمي يمكن للأمة أن تستثمره في مواجهة النفوذ الغربي والهيمنة الفارسية
شهادات من رفاق السلاح: رجل لا يتزحزح عن مبادئه
في كل ساحة خاض فيها أحمد الشرع معركةً أو صدامًا مع الاحتلال، كان له رفاق حملوا السلاح إلى جانبه، وعرفوه عن قرب، في الميدان، وفي الزنزانة، وفي لحظات القرار التي لا تقبل التردد. شهاداتهم، وإن لم تُنشر كثيرًا في الإعلام، تبقى من أهم مصادر فهم شخصية هذا القائد الصلب
يقول أحد رفاقه ممن قاتلوا معه في الفلوجة عام 2004
"كنا نُقاتل في حي الجولان، تحت قصف الطائرات والمدفعية. في لحظةٍ أصيب أحد المقاتلين وبدأ يصرخ، فارتبك الجميع. اقتحم أحمد الشرع الزاوية وحده، أطلق النار على القناص الذي أصاب رفيقنا، وحمله على كتفيه رغم القصف. يومها، عرفنا أنه لا يترك أحدًا خلفه، لا في المعركة ولا في المبادئ."
أما أحد المعتقلين السابقين الذين قضوا سنوات في سجن بوكا مع أحمد الشرع، فيروي
"كان كثيرون ينهارون تحت التحقيق، يوقّعون على التهم الملفقة، ويتبرؤون من الماضي. أما هو، فكان صلبًا كالجبل. الأمريكيون كانوا يعتبرونه رأسًا صلبًا في المعادلة. كانوا يغيّرون المحققين معه كل فترة، علّهم يجدون ثغرة في منطقه أو مقاومته النفسية. لكنه صمد. لم يتحدث، لم يعتذر، لم يفاوض على كرامته"
ويضيف أحد القياديين الذين رافقوه لاحقًا في التنسيق بين فصائل الثورة السورية
"لم يكن يبحث عن الواجهة أو المكاسب. كان يحمل مشروعًا، ويتحدث بمنطق الأمة لا الجماعة. كان يحذرنا دائمًا من الوقوع في فخ الأجندات الخارجية، ويؤمن أن النصر لا يُشترى بالدعم المشروط، بل يُنتزع بالثبات والتوكل على الله"
شهادات رفاقه تتفق على صفة واحدة تميّزه عن كثيرين: الثبات. أحمد الشرع لم يكن رجل لحظة، بل رجل مشروع. لم يتبدل بتغير الظروف، بل ظل مرجعًا في زمن السيولة، وبوصلة في زمن الخداع
حين تكون المبادئ طريقًا للتاريخ
في زمنٍ باتت فيه المفاهيم مقلوبة، والبطولة تُختزل في الظهور الإعلامي أو في الصفقات العابرة، يخرج من رحم الأمة رجالٌ يُذكّرون الناس بأن العظمة الحقيقية لا تُشترى، ولا تُفرض بقوة السلاح أو الإعلام، بل تُكتسب بالثبات والموقف والتضحية
أحمد الشرع لم يصنع تاريخه على شاشات التلفزة، بل على جبهات القتال، وفي ظلمة الزنازين، وفي لحظات القرار حين يتراجع المترددون، ويتقدم الثابتون. لم يكن من الذين يتاجرون بالشعارات، بل من الذين دفعوا ثمن مبادئهم من أعمارهم وأرواح من رافقوهم في الطريق
إن مسيرة هذا الرجل لم تكن نزهة في عالم السياسة، بل عبورًا في حقل ألغام، رفض فيه الانحناء رغم كل المغريات والضغوط. ومن يعرف هذا الطريق، يدرك أن الرجال من طينة أحمد الشرع لا يُقيّمون بعدد المؤتمرات التي حضروها، بل بعدد المواقف التي ثبتوا فيها، والحق الذي لم يتنازلوا عنه
اليوم، في وجه محاولات التشويه، تلمع صورته أكثر. الرئيس احمد الشرع في زمن الغبار السياسي، يظهر وجهه نقيًّا كما كان دومًا: وجه المقاتل، الأسير، الثائر، السياسي، والرئيس الذي لم يخن يومًا مشروع أمته
التاريخ لا يُكتب بالحبر وحده، بل بالدم والمواقف... ولهذا، لأمثال أحمد الشرع مكانٌ لا يُمحى في ذاكرة الأمة
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
Yozgat #GSvBOD #Kıbrıs #Ya2024eEkAtamaYaistifa #Mehmet Türkmen #Yunus #Din Kültürü #Rekabet Kurulu #Seninleyiz Reis #Filistin