9396,02%1,40
38,14% 0,46
43,49% 0,25
4079,85% 0,44
6569,86% 0,00
من بين هؤلاء، يبرز اسم حسين عيسى، ابن مدينة حلب، الذي وُلد في الرابع عشر من فبراير عام 1975، وكان شاهدًا وفاعلًا في محطات مفصلية من تاريخ سوريا الحديث.
تلقى حسين عيسى تعليمه في حلب، وحصل على الشهادة الإعدادية عام 1989، لينتقل بعدها إلى المعهد الصناعي الرابع في سليمان الحلبي ، حيث تشكّلت نواة اهتمامه المبكر بالصناعة والإنتاج. انطلقت مسيرته العملية في عام 1996، حين دخل عالم الصناعة وتجارة المواد الجلدية والنسيجية، وأسّس لاحقًا شركة "الشهباء" في حلب، التي تخصصت في صناعة وتجارة المنتجات الجلدية والنسيجية بكافة أشكالها وصناعتها ، ووسّع نشاطها ليشمل بعض الدول العربية و دول الاتحاد السوفييتي السابق، في وقت كانت فيه العلاقات الاقتصادية الخارجية شبه محصورة.
مع اندلاع الثورة السورية في عام 2011، التحق حسين عيسى مع اخوته وأبناء عمومته ورفاقه في حي الهلك وبستان باشا والشيخ فارس والشيخ الخضر بصفوف المنتفضين، مشاركًا في المظاهرات السلمية ثم في الحراك المسلح، مستمرًا في هذا النضال حتى عام 2017. ومع تحرير مدينة جوبان بي الراعي الواقعه في الريف الشمالي لمدينة حلب ، وجد في هذه المدينة منصة لإعادة بناء الاقتصاد المحلي بعيدًا عن قبضة النظام، فأسس غرفة صناعة وتجارة الراعي، ليكون بذلك أول من بادر إلى تأطير النشاط الصناعي والتجاري في شمال سوريا المحرّر.
لم يكتفِ عيسى بتأسيس الغرفة، بل ساهم في إطلاق معبر الراعي الحدودي مع تركيا عام 2018، ثم أشرف على إنشاء المنطقة الصناعية في المدينة عام 2021، والتي باتت مركزًا حيويًا في الاقتصاد المحلي. وفي عام 2023، شارك في تأسيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة السورية الحرة وانتُخب رئيسًا له في دورته الأولى، منطلقًا نحو توحيد الجهود الاقتصادية في الشمال السوري.
استمر نشاط حسين عيسى في التوسع، حيث نظم مشاركات الصناعيين في المعارض الدولية لتسويق المنتجات السورية في الأسواق العالمية. وفي عام 2024، أشرف على تنظيم المؤتمر الاستثماري الأول في شمال سوريا، والذي تضمن معرضًا للمنتجات الصناعية والتجارية، وندوات اقتصادية ركزت على سبل دعم الإنتاج المحلي وتحفيز الاستثمار في المناطق المحررة. كما واصل دعمه اللوجستي للعملية الثورية، إيمانًا بأن النصر لا يكون فقط على الجبهات، بل أيضًا ببناء الاقتصاد ومؤسسات الدولة البديلة.
وفي خطوة تؤكد ثقة مجتمع رجال الأعمال والصناعيين به، انتُخب الأستاذ حسين عيسى أبو أحمد في 13 نيسان/أبريل 2025 نائبً أول لرئيس غرفة تجارة حلب، ليواصل بذلك مسيرته في خدمة مدينته، ويكون أحد الرواد الذين أعادوا للأمل وجهًا اقتصاديًا وإنسانيًا في زمن الحرب والدمار.
في النهاية نقول للأستاذ حسين عيسى إن وجودكم في غرفة تجارة حلب ليس مجرد منصبٍ إداري،بل هو علامة على عمرٍ مُكرَّسٍ لهذه المدينة العريقة، وعلى عرق الجبين، والإيمان العميق بقضيتها. هذا المنصب بالنسبة إليكم ليس سلطة، بل مسؤولية، وليس امتيازًا، بل دين وفاء. إن صدقكم وإخلاصكم وعملكم الدؤوب هو بمثابة قسمٍ صامت، لكن راسخ، لإعادة بناء ما دمّرته الحرب في حلب. هذه المسيرة ليست مسيرتكم وحدكم، بل هي أمل أولئك الذين اختاروكم، وآمنوا بكم، ويريدون أن يحيوا من جديد في هذه المدينة التي تنبض رغم الألم.
إلى جانب نشاطه المهني، يتقن حسين عيسى عدة لغات، منها التركية والروسية بدرجة جيدة جدًا، ما مكّنه من مدّ جسور التواصل التجاري والاقتصادي مع دول الجوار والفضاء التركي والآسيوي.
اليوم، يُعد الأستاذ حسين عيسى أحد أبرز الأسماء الفاعلة في المشهد الاقتصادي شمال سوريا، وشاهدًا حيًا على رحلة طويلة جمعت بين التضحيات الثورية والرؤية التنموية. هو مثال لرجل آمن بثورته كما آمن بقدرة شعبه على النهوض، فكان أن مزج بين البندقية والمِعول، وبين الهتاف والعمل، ليصنع فرقًا لا يُنسى في حاضر سوريا ومستقبلها.
الدكتور مختار فاتح بي ديلي