Tarih: 18.12.2025 21:39

الهوية التركمانية بين الانتماء الوطني ورفض التوظيف السياسي

Facebook Twitter Linked-in

هي هوية تشكّلت في ظل العيش المشترك والنضال الوطني، وقدّمت تضحياتها دفاعًا عن الأرض والكرامة، دون أن تطلب امتيازًا أو كيانًا خارج إطار الدولة السورية
ومن هذا الفهم، يصبح الدفاع عن الهوية فعل مسؤولية وطنية، لا أداة صراع أو وسيلة توظيف سياسي

أنا تركماني سوري
وهذه ليست تهمة، ولا توصيفًا يحتاج إلى تبرير أو إذن
إنها هوية وُلدت مع هذه الأرض، وترسّخت فيها عبر قرون من العيش والعمل والدفاع عنها، ودُفِع ثمنها تهميشًا وإقصاءً، لا ادّعاءً ولا امتيازًا

التركمان في سوريا ليسوا طارئين على تاريخها، ولا وافدين على جغرافيتها
هم فلاحو سهل الغاب، وأبناء ريف حلب واللاذقية وحمص ودمشق، وجزء أصيل من نسيج اجتماعي عاش فيه العرب والكرد والتركمان والسريان والشركس شركاء في الخبز والمصير، لا متنافسين على الرايات

قدّم التركمان، كغيرهم من أبناء هذا الوطن، تضحيات جسيمة في سبيل سوريا
شاركوا في نضالاتها الوطنية، ودافعوا عن أرضهم، ودفعوا ثمن مواقفهم اعتقالًا وتهميشًا وفقرًا وتهجيرًا
ومع ذلك، لم تتحول قضيتهم يومًا إلى مشروع انفصالي، ولا طالبوا بوطن بديل، بل ظلّ مطلبهم بسيطًا وعادلًا: الاعتراف والمساواة والكرامة كمواطنين سوريين

من هذا المنطلق، فإن عدم المشاركة في بعض الاحتفالات القومية التركمانية لا يمكن فهمه بوصفه إنكارًا للهوية، بل هو موقف واعٍ ضد اختزال هذه الهوية في مشاريع سياسية أو عسكرية لم يُستشر فيها أصحابها الحقيقيون
فالهوية، حين تُسلَّح، تفقد معناها،
والرمز، حين يُفرض بالقوة، يتحول من تعبير ثقافي إلى أداة إقصاء

أنا تركماني، نعم
لكنني أيضًا سوري أولًا، أرفض أن تُستخدم هويتي وقودًا لصراعات لا تخدم سوريا، ولا تخدم التركمان أنفسهم
أرفض أن يُفرض على السوريين جميعًا، بمختلف مكوناتهم، علم سياسي أو إدارة أمر واقع لم يختاروها، كما أرفض أن يُفرض عليّ تمثيل باسم السلاح أو بحجة الحماية

القضية التركمانية في سوريا ليست قضية رايات ولا سلطات مفروضة،
وليست تجنيدًا قسريًا ولا وصاية سياسية.
إنها قضية حقوق مواطنة واضحة
• اعتراف دستوري بالثقافة واللغة التركمانية
• مساواة كاملة أمام القانون دون تمييز
• إنهاء سياسات الإقصاء والتهميش التاريخي

وما عدا ذلك هو توظيف للهوية، لا دفاع عنها

وحين تُختزل هويتي في مشروع لم أشارك في صياغته، يصبح من حقي، وواجبي الوطني، أن أقول بوضوح
سوريتي يمثلني

بعد سنوات طويلة من الدم والخراب، لم تعد سوريا تحتمل مزيدًا من الانقسام باسم الهويات
ما نحتاجه اليوم هو دولة مواطنة واحدة، لا دولة قوميات متناحرة؛ دولة تحترم الإنسان لأنه مواطن، لا لأنه ورقة ضغط في صراع نفوذ

الاحتفال الحقيقي بالهوية التركمانية السورية لا يكون برفع رايات والهتافات هنا وهناك ،
بل في
• دستور عادل يضمن الحقوق للجميع
• مدارس تعلّم اللغة التركمانية دون خوف أو تمييز
• دولة لا تعاقب أبناءها على أسمائهم أو لهجاتهم أو أصولهم

نريد سوريا دولة مواطنة واحدة، تجمع أبناءها ولا تفرّقهم، وتحمي تنوّعها دون أن تحوّله إلى سلاح. سوريا التي ننتمي إليها ليست دولة رايات متناحرة، بل دولة قانون وعدالة، تعترف بالتركماني والعربي والكردي وكل مكوّن بصفته مواطنًا كامل الحقوق. عندها فقط تكون الهوية مصدر غنى وقوة، لا سبب انقسام، ويظل الانتماء لسوريا هو الجامع الأعلى الذي لا يعلوه شيء

الدكتور مختار فاتح




Orjinal Habere Git
— HABER SONU —