التركمان السوريون: صخرة الوطن وأصيل نضاله
الدكتور مختار فاتح

تركمان سوريا ليسوا مجرد أقلية عابرة في خريطة الوطن، بل هم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع السوري، يشكلون عمق الهوية السورية وتاريخها العريق. منذ قرون، ساهم التركمان في حماية الأرض، والدفاع عن القرى والمدن، والمشاركة في كل مرحلة من مراحل النضال الوطني، سواء ضد الغزاة أو في الدفاع عن وحدة سوريا وسيادتها
في كل مرحلة من مراحل التاريخ، كان التركمان مثالاً للوطنية الحقة. لقد حملوا راية المقاومة في وجه الصعوبات، وشاركوا في الدفاع عن المدن السورية خلال الحروب والصراعات. كانوا دومًا جنودًا في ميادين الشرف، وحافظين على الأرض، مدافعين عن القيم الوطنية ومجتمعهم. ليس هذا فحسب، بل ساهموا أيضًا في بناء المؤسسات المحلية، والحياة الاجتماعية، والثقافة الشعبية التي تشكّل هوية سوريا المتنوعة
لقد أثبت التركمان أن الولاء للوطن ليس مجرد شعارات، بل مواقف وأفعال. في المناطق التي يقطنونها، أسهموا في حماية السكان المدنيين، والحفاظ على المؤسسات المحلية، ودعم المبادرات المدنية التي تعزز الأمن والاستقرار. عبر مشاركتهم في الدفاع عن حلب ومناطق شمال سوريا، أظهر التركمان شجاعة ونضالاً يُحتذى به، مؤكدين أن الانتماء الحقيقي يتجسد في الدفاع عن الأرض وحماية أهلها

بالإضافة إلى الدور العسكري، كان للتركمان السوريين دور سياسي واضح في دعم الحوار الوطني والمشاركة في تشكيل مكونات المجتمع المدني والسياسي. سعى قادتهم وممثلوهم دائماً إلى تعزيز الوحدة الوطنية، وبناء جسور بين مختلف مكونات الشعب السوري، بما يضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل سوريا
أما على الصعيد الثقافي والاجتماعي، فتركمان سوريا حافظوا على تراثهم وهويتهم، راسخين في الوقت نفسه انتماءهم للوطن. أزياؤهم التقليدية، احتفالاتهم، وأغانيهم الشعبية ليست مجرد رموز ثقافية، بل تذكير حي بالوفاء للوطن وبصلة الأجيال المتعاقبة بتاريخ سوريا
وعندما يحتفلون بالأعياد الوطنية ويرتدون أزيائهم التقليدية، لا يحيون طقسًا شعبيًا فحسب، بل يعيدون إحياء ذاكرة وطنية متجذرة في الأرض والهوية. ألوان أزيائهم، وأشكال زخارفهم، هي رموز الصمود والولاء، وتذكير بأن الانتماء إلى الوطن ليس شعارًا يُرفع، بل فعل يُعاش ويُمارس في كل لحظة، من ميادين النضال إلى الحارات والمدارس والأسواق
تركمان سوريا اليوم يقفون على خط الدفاع عن وحدة الوطن، ويشاركون في كل مسعى للحفاظ على السلم الأهلي والتلاحم الاجتماعي. هم جسور بين مختلف مكونات المجتمع السوري، صلة وصل بين التاريخ والحاضر، وحملة رسالة مفادها أن سوريا لكل أبنائها، وأن الانتماء الحقيقي يعبّر عنه العمل والوفاء
إنهم «إسمنت الوطن»، كما يصفهم السوريون بحق، لأنهم يربطون مختلف أطياف المجتمع، ويحافظون على صلابة الوحدة الوطنية. عبر كل عرس واحتفال وذكرى وطنية، يعلن التركمان للعالم أنهم باقون، راسخون، يحملون إرث أجدادهم، ويرفعون راية سوريا عالية، في رسالة واضحة أن الهوية الوطنية هي أعمق من أي انقسام، وأن الوفاء للوطن لا يزول
سوريا وطن واحد، والشعب شعب واحد، والتركمان جزء أصيل من هذه الوحدة، درعًا في الدفاع عن الأرض، وروحًا في جسد الوطن، وأصالة لا تزول



