ومع ذلك، فإن الاتفاق يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هناك أولويات أو امتيازات تُمنح لمكونات معينة دون غيرها، وإذا كان التركمان سيجدون أنفسهم مُهمشين في هذه المعادلة الجديدة
في خضم الاتفاق الذي تم توقيعه بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والدولة السورية، والذي أكد على وحدة الأراضي السورية ودمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرق البلاد ضمن إدارة الدولة، يبرز سؤال جوهري يشغل بال كل تركماني سوري: أين مكانة التركمان في المعادلة السياسية الجديدة؟
. هل يتمتع التركمان بنفس الحقوق التي وُعدت بها المكونات الأخرى؟
الاتفاق شدد على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية، كما أكد على أن "المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وله كافة حقوقه الدستورية". لكن هنا يبرز تساؤل مشروع: لماذا لم يتم الإشارة بشكل صريح إلى التركمان، رغم أنهم مكون رئيسي في سوريا؟
التركمان، رغم أنهم يشكلون المكون الثاني بعد العرب في المجتمع السوري، لم يُذكروا في نص الاتفاق، مما قد يشير إلى أن تمثيلهم السياسي وحقوقهم الدستورية لم تحظَ بنفس التأكيد الذي حصل عليه الأكراد وكأن التركمان السوريين غير موجودين في المعادلة السورية حيث ضحى التركمان عبر التاريخ بدمائهم في سبيل الحفاظ على وحدة التراب السوري ولم يكن لدى التركمان اية نوايا انفصالية عن وطنهم السوري.
هذا الإغفال وتهميش بقصد او من دون قصد بوجود التركمان على التراب السوري هذا قد يثير مخاوفهم حول مستقبل ودور التركمان في سوريا، خاصة أن الاتفاق لم يحدد آليات واضحة لضمان مشاركتهم الفاعلة في الدولة، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
. هل يمكن للتركمان أن يكونوا جزءًا من العملية السياسية الجديدة؟
من الناحية النظرية، إذا تم تنفيذ الاتفاق بعدالة وشمولية، فيجب أن يكون التركمان جزءًا من أي عملية سياسية مستقبلية في سوريا، تمامًا كما تم التأكيد على حقوق الأكراد. ومع ذلك، فإن الواقع السياسي قد يكون مختلفًا للأسباب التالية:
التركمان ظلوا مهمشين في الحكومات السورية السابقة، ولم يتم منحهم الاعتراف الكافي كمكون أساسي في البلاد، على عكس الأكراد رغم مطالبهم الانفصالية تمكنوا من فرض وجودهم عبر الأوضاع العسكرية والسياسية التي مرت بها سوريا.
- القوى السياسية السورية، سواء في دمشق أو المعارضة، لم تُظهر حتى الآن اهتمامًا جديًا بضمان تمثيل التركمان في المشهد السياسي، مما قد يعزز من تهميشهم في المرحلة المقبلة.
- مع السيطرة المتزايدة للدولة السورية على المناطق التي كانت تديرها "قسد"، قد يجد التركمان أنفسهم أمام تحدي الحفاظ على هويتهم وحقوقهم في ظل أي ترتيبات جديدة قد تُفرض عليهم.
. هل يمكن أن يؤثر هذا الاتفاق على التركمان السوريون سلبيًا؟
إذا لم يتم الاعتراف بحقوق التركمان بشكل واضح ضمن مؤسسات الدولة بعد الاتفاق، فقد يواجهون عدة تحديات
غياب التمثيل السياسي الفاعل: إذا لم يتم منحهم مقاعد واضحة في العملية السياسية، فقد يتم تهميشهم عند رسم مستقبل سوريا.
ضعف الدور العسكري: في حال تم دمج "قسد" ضمن الجيش السوري، قد يتم إضعاف أي تشكيلات عسكرية تركمانية قائمة، مما قد يؤثر على قدرتهم في حماية مصالحهم في سوريا المستقبلية.
التغيير الديموغرافي والتهميش الإداري: مع سيطرة الدولة على المعابر والموارد، قد يجد التركمان أنفسهم في وضع أضعف، خاصة إذا لم يتم الاعتراف بحقوقهم في مناطق تواجدهم التاريخية.
التركمان في سوريا لن يقبلوا بأن يكونوا في الظل
إذا كانت هناك مكاسب سياسية أو إدارية تُمنح لمكونات معينة، فإن التركمان لن يتنازلوا عن حقهم في المطالبة بنفس المزايا.
إذا كانت هناك إعادة هيكلة سياسية في سوريا، فإن التركمان يجب أن يكونوا جزءًا أساسيًا منها، وليس مجرد طرف هامشي.
نحن التركمان نريد سوريا موحدة، دولة قوية بعيدة عن المحاصصة، حيث يكون الكفاءة هي المعيار الأول في تولي المناصب والمشاركة في القرار السياسي.
ما الذي يجب أن يطالب به التركمان؟
في ظل هذه التطورات، على التركمان السوريين التحرك لضمان عدم تهميشهم في المعادلة السياسية، ومن أبرز الخطوات التي يمكن اتخاذها:
. المطالبة بالاعتراف الرسمي كمكون أصيل في سوريا، تمامًا كما تم التأكيد على حقوق الأكراد.
المشاركة الفعالة على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية من خلال التواصل المباشر مع الحكومة السورية الجديدة.
تشكيل جبهة سياسية موحدة تمثل التركمان بشكل قوي أمام الأطراف السورية والدولية، لمنع أي محاولات لتهميشهم في مستقبل سوريا.
. التأكيد على حقوقهم في العودة إلى مناطقهم بنفس الطريقة التي تم ضمانها للمكونات الأخرى، مع تأمين الحماية الكاملة لحقوقهم الثقافية والاجتماعية والسياسية.
.إذا كانت هناك ضمانات دستورية لمكون معين،يجب ضمان نفس الحقوق للتركمان ايضا.
التركمان ليسوا أقلية هامشية، بل هم مكون رئيسي في سوريا، لهم امتداد تاريخي وجغرافي واسع، كما أن لهم حضورًا فاعلًا في المجتمع السوري قديما وحديثا حيث انخرط التركمان السوريون منذ اليوم الأول في ثورة الحرية والكرامة عام 2011 وعلى كافة المستويات السياسية والاجتماعية والعسكرية. وبالتالي، من غير المقبول أن يتم تجاهلهم في أي ترتيبات مستقبلية لسوريا
التركمان في سوريا لديهم رسالة واضحة لا تمييز بين المكونات في الحقوق والمشاركة في بناء سوريةًالجديدة مبنية على الكفاءات والمهارات . فإذا كان الهدف هو بناء سوريا موحدة وقوية، فلا يمكن أن يتم ذلك عبر إعطاء امتيازات سياسية أو إدارية لمكون معين على حساب الآخرين. التركمان، مثلهم مثل باقي السوريين، يريدون دولة قائمة على الكفاءة، حيث تكون الأولوية لمن يستحق وليس بناءً على الانتماء القومي أو العرقي
في النهاية الاتفاق الجديد يفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة في سوريا، لكن التركمان لن يقبلوا بأن يكونوا خارج هذه الحسابات. مكانهم في الدولة السورية يجب أن يكون واضحًا ومضمونًا، وبنفس المعايير التي يتم منحها لأي مكون آخر.فإما أن تكون سوريا لجميع السوريين دون تمييز، أو أن يُفتح الباب أمام الجميع للمطالبة بحقوقهم السياسية والإدارية كاملة، دون أي استثناء. والتركمان في هذا السياق لن يكونوا أقل مطالبة بحقوقهم من أي مكون آخر
حيث ان هذا الاتفاق يطرح العديد من التحديات للتركمان السوريين، إذ لم يتم ذكرهم بشكل صريح فيه، مما قد يعكس استمرار تهميشهم سياسيًا. إذا لم يتحركوا للمطالبة بحقوقهم بوضوح، فقد يجدون أنفسهم خارج المعادلة السياسية في سوريا المستقبلية، في حين يتم توزيع الأدوار السياسية والإدارية على أطراف أخرى
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
#GazaisDying #KitaplarımızaDokunma #Gazze Ölüyor #Lamina Yamal #Suriye'de #Diyetisyen #AfsızBayramOlmaz #KademeyeAsrınMobingi #CBobeziteİçinDytAta