الأوغوز أو الغُزّ وهو مصطلح لغوي يطلق على اللغات التركية الغربية أو الأوغوزية من عائلة اللغات التركية هو تحالف أو اتحاد قبلي تركي اصطلح على تسميته بدولة اوغوز ياغبو في آسيا الوسطى خلال فترة العصور الوسطى المبكرة
.واسم أوغوز هو كلمة تعني حمولة متعدده الانساب في العديد من اللغات التركية. هاجرت قبائل الأوغوز غربًا من منطقة جيت-سو بعد صراع مع القارلوق وهم فرع من الأويغور. ومن الأوغوز أو دولة الأوغوز ياغبو هذه تحدّر مؤسسو الامبراطورية العثمانية
.أوغوز خان هو جد أتراك الأوغوز في الأساطير التركية والألطية. يُعرف أوغوز خان أيضًا باسم أوز خان أو أوغور خان. جده كابي خان، والدته آي كاغان، وأبوه كارا خان. إنه بطل ملحمة أوغوز خاجان ويتم التعرف عليه مع ميتي خان، حاكم إمبراطورية الهون الآسيوية، في الملحمة
.ومن الأوغوز أيضٌا تتحدر الشعوب المعاصرة لتركيا وقبرص الشمالية والبلقان وأذربيجان وغاغاوزيا وتركمانستان تركمان سوريا وتركمان العراق وتركمان لبنان وفلسطين وليبيا والجزائر. يعتبر الأوغوز مؤسسي عدد من الممالك والإمبراطوريات المشهورة كالسلاجقة والعثمانيون والقاجاريون
.في عام 800، اندفع قبائل «الغز» من سهوب بحر آرال من بشنيغ إلى إيمبا ومنطقة نهر الأورال نحو الغرب. في عام 900، سكنوا السهوب من أنهار ساري سو، تورغاى، وإيمبا إلى الشمال من بحيرة بالكاش في كازاخستان. وعشيرة من هذه الأمة، السلاجقة حيث اعتنقت الإسلام في الالفيات كما دخلت بلاد فارس، حيث أسسوا الإمبراطورية السلجوقية العظمى
ينحدر العثمانيون الأتراك من القبائل الأوغوز، التي تتكون من ستة فروع رئيسة، وكل فرع ينقسم إلى أربعة فروع أخرى، مما يجعلها تضم 24 فرعاً. يعتقد الأتراك أن جميع هذه الفروع تنتمي إلى "مته"، المعروف في ملاحمهم التاريخية كأوغوز خان. وتؤكد العديد من المصادر التاريخية أن العثمانيين ينتسبون إلى قبيلة قابي .وقد أطلق محمد الفاتح على أحد أبنائه اسم أوغوز خان، وعلى الآخر اسم تورغوت، نسبةً إلى قادة الأوغوز المشهورين. وقد أضاف المؤرخون العثمانيون في القرن الخامس عشر إلى ذلك أن العثمانيين ورثوا عرش الدولة التركية الكبرى من السلاجقة، الذين بدورهم كانوا ورثة القاراخانيين
اسم الترك ووطنهم الأم

كان يُظنّ أن مغولستان (منغوليا) هي الوطن الأم للترك بسبب تمركز الدول التركية (الهون، والكوك تُرك، والأويغو) وغيرها حول منطقة أورخون بمغولستان في العصور القديمة لكن الأبحاث التي تستند إلى الأدلة التاريخية واللغوية والملحمية التي عثر عليها في هذه المنطقة والتي تعود إلى الترك تثبت أنّ الوطن الأم للترك هو ما بين جبال ألطاي وجبال أورال. ولكن في الحقيقة ثمّة إلى جانب معلوماتنا التاريخية روايات أسطورية تفيد بأن مركز الوطن الأم في منطقة بحيرات: (بالقاش، وأورال، وايصيق).هذا وإنّ المناقب العائدة إلى أوغوزخان وآفراسياب وغيرهما من الحكام الأسطوريين، والكثير من الآثار التاريخية الخاصة بدولة كوك تُرك والأوغوز (الغز في المصادر العربية. "المترجم") والقارلوق كانت متمركزة في هذا الإقليم. فعلى سبيل المثال عند مصب نهر سيرداريا (سيحون) عُثر على حاضرة يابغُوات (جمع يابغو وهي رتبة عسكرية تركية قديمة) الأوغوز وهي مدينة "ينكي كَنْت" (أي المدينة الجديدة. "المترجم") وغيرها من المدن المهمّة، وقد أُسّست من قِبَل آفراسياب كما تفيد الروايات الملحمية.وإنّ ابتكار التقويم التركي ذي الاثني عشر حيواناً كان مرتبطاً بخاقان تركي أسطوري ووادي نهر مقاطعته.إنّ ملحمة أوغوزخان تصوّر منطقة حوض نهر سيرداريا على أنّها الوطن الأم للأوغوز في حين أنّ المصادر الصينية تفيد بأنّ الكوك تُرك المنحدرين من نسل القون "الهون" كانوا يعيشون جنوب جبال الألطاي، وأنّهم كانوا يعملون بالحدادة قبل حصولهم على الاستقلال، وقد أعطوا هذا المكان الذي يعدّ مركز أعرافهم القوميّة اسم (أركنه قون)
وفي عهدي القون والكوك تُرك كانوا في كلّ ثامن يوم من الشهر الخامس من كل سنة يقيمون المراسيم الدينية ويذبحون الذبائح لله ولروح أجدادهم، ويحتفلون بالعيد في هذا المكان.هذا وقد أفادت الروايات المتعلقة بالكتب المقدّسة بأن وطن ترك بن يافث أيضا في منطقة بحيرة ايصيق. وبناءً على هذه الروايات نرى أنّ النبي نوحاً (ع) عندما قسّم العالم بين أولاده حام وسام ويافث أعطى الترك بلاد ما وراء النهر "ما وراء نهر جيحون (أموداريا)" أي تركستان. وإنّ توطّن الأق قون (الهون البيض) والكوك تُرك الغربيين والأوغوز المتأخرين والقارلوق حول نهر سيرداريا وبحيرة ايصيق يؤكد أنّ هذه المصادر ذات منشأ تاريخي. وقد أفادت ملحمة الشاه نامه الفارسية (كتاب الملاحم والأساطير الفارسية يرجع تاريخ كتابته إلى ما بعد ظهور الإسلام، ومؤلفه هو الفردوسي. "المترجم") بأنّ أفريدون (ملك فارسي حكم بعد الضحّاك وهو مشهور بحسن السيرة والعدل. "المترجم") الذي قسّم العالم على أولاده الثلاثة جعل تركستان وكل أقطار الشرق بما فيها الصين لـ (تور) أو توُرَج، وجعل إيران والمناطق العربية لـ (إيرَج)، وجعل بلاد الروم والروس (سَلَم) وإنّ المصادر الصينية واليونانية والعربية مثلها مثل المصادر الإيرانية تفيد بأنّ نهر أموداريا شكّل الحدود التقليدية بين التورانيين (الطورانيين) والإيرانيين، وإن تركستان هي الوطن الأم للترك. وقد أطلق الإيرانيون على هذا الإقليم اسم توران (طوران) نسبة غلى (تور)، وهذا الاسم فارسيّ معناه " تركيّ " وجمعه بالفارسية (توران) و (تور) أو (تورَج) لا يعني شيئاً غير التركي.هذا وتذكر لمصادر الفارسية نفسها أنّ حفيد ترك (تور) سلطان الترك الأسطوري آفراسياب فتح إيران والهند وبلاد الروم وبلاد الروس بعد تركستان. ومن المعلوم أنّ حاضرة آفراسياب بطل الحروب الإيرانية ــ الطورانية هي مدينة (مرو) أو (بلخ). والتاريخ يذكر أنّ هذا المكان هو مركز الأق قون أو الأفتاليت. والتاريخ الملحمي يذكر الكثير من المدن التي أسّسها آفراسياب في هذه البلاد والأوابد التي تركها.وبناءً على ما ذُكر فإنّ الأوغوزخان الذي ذُكر في الروايات الملحمية التركية أصبح في الروايات الإيرانية آفراسياب.أمّا الرواية الإسلامية لملحمة أوغوزخان فتقول إنّ أوغوزخان هو حفيد يافث بن نوح وقد تحقق ذكر هذا في الملاحم الإسلامية.وتفيد المصادر الصينية كما المصادر الفارسية أنّ أجداد الصينيين الأسطوريين الهيائيين في القرون (18 – 22) قبل الميلاد وأجداد الترك الهيونغ نو قد توحّدوا في المنشأ نفسه

وفي القرن الحادي عشر توسّعت حدود البلاد التركية كثيرا نتيجة الهجرات التركية الكبرى ولاسيما السلجوقية، وبسبب هذه الهجرات فإنّ حدود تركستان (بلاد الترك) بلغت من حدود الصين والهند إلى بلاد الروم وروسيا، وبلك بلغت مساحة أرض الترك ربع العالم.وفي هذا القرن (أي في القرن العشرين) كان الرحّالات الأوربيون يطلقون على جميع الأقاليم الممتدة من قبائل الطونة (نهر الطونة أو الدانوب ويُسمّى بنهر العواصم. "المترجم") إلى جبال الألطاي بما فيها بلاد القبجاق اسم تركيا الكبيرة وهكذا فإنّ اسم تركستان أو تركيا شمل البلاد الواسعة التي انتشر فيها الترك.وفي المقابل فإنّ الجغرافيين العرب في القرن العاشر الميلادي خصصوًا اسم (الترك) للترك الشامانيين فقط، وميّزوهم من الأتراك المسلمين، ولذلك فإنّ اسم تركستان أُعطي للبلاد التركية خارج حدود الدولة الإسلامية وفاراب وحتى ما بعد طالاس (تالاس). وقد تكرر هذا الخطأ في المصادر المتأخرة بسبب تغيّر الحدود بانتشار الإسلام، وهذا ما تسبب في تشويش بعض الأحداث التاريخية ولذلك فإنّ تركستان التي أطلقت عليها المصادر الفارسية القديمة اسم (طوران) أي (بلاد الترك) كانت تذكر غالبا في المصادر الإسلامية حتّى العصر السلجوقي باسم (ما وراء النهر)، وبناءً على ذلك فإنّ العرب عندما جاؤوا إلى تركستان التي أطلقوا عليها اسم (ما وراء النهر) كانت تحكم من قِبَل الكوك تُرك أو من قِبَل من كان تابعاً لهم من الحكام الترك الذين يحملون ألقاب { خان، يابغو، طارخان، وتكين (كذا في الأصل والصواب تيكين. "المترجم")، تودون (طوضون)}.والجيوش التركية حاربت العرب آنذاك، ولذلك فقد عدُّوا التي كانت تقطن وراء نهر جيحون شعوباً تركية، وقد كانت حاكمة بخارى التي حاربت العرب تركيةً أيضاً
حتى إن المفكّر الأديب الجاحظ قال إنّ الفرق بين اللغتين الخراسانية والتركية كالفرق بين لهجتي مكة والمدينة (وقفنا على قول الجاحظ فوجدناه :"إنّ الفرق بين الخراساني والتركي كالفرق بين المكّي والمدني" وقد ذكر ذلك في رسالته المشهورة (في مناقب الترك) والتي أهداها لصديقة الأديب التركي الفتح بن خاقان الذي ولي الوزارة في عهد المتوكّل وقُتِل معه، وكان أدخل الجاحظ إلى بلاط الخليفة وأسهم في شهرته. "المترجم") وبذلك أكّد الجاحظ أنّ الترك كانوا موجودين حتى فيما قبل نهر جيحون، وهذا ما له علاقة بحكم أتراك الأق قون أو الأفتاليت لهذه البلاد وتوطنهم فيها.وفي القرن الثالث عشر الميلادي دلّ اسم (تركستان) على أنّ الحدود التركية تمتدّ حتّى قبائل نهر الطونة، وأنّ اسم (تركيا) كان ذا معنىً سياسي حتّى في العصر العثماني إذ كان يدلّ على البلاد الواقعة ضمن الحدود الشاسعة للإمبراطورية العثمانية.إنّ ظهور كلمة (ترك) في الساحة التاريخية كان مرتبطاً بتأسيس دولة كوك تُرك في القرن السادس الميلادي
في حين أن الصينين أطلقوا على الترك اسم (تو – كيو) والبيزنطيين أطلقوا عليها اسم (توركوي)، وقبل اكتشاف الكتابات الأورخونية كان قد اتُّفِق على أنّ هذين الاسمين يطلقان على الترك.وقبل الإسلام كان الشعراء العرب الجاهليون كالأعشى والنابغة يعرفون الترك ويذكرونهم باسمهم في أشعارهم، وقد كان الرسول الأعظم (ص) ذكرهم في الحديث الشريف.وكان قاغانات (خاقانات) كوك تُرك يذكرون الشعوب التي تحت نفوذهم باسم (الترك) وحتّى لو خرجوا على طاعة دولتهم وهي شعوب (الأوغوز والتُركَش والقرغيز) وكانوا يشيرون إلى ذلك بقولهم : "إنّهم من الأمّة التركية".هذا الموقف يؤكد عدم جواز حكر اسم الترك لقبيلة تنتسب إليها أسرة الخاقانات الحاكمة لدولة كوك تُرك ولا لدولتهم، وإنما هذا الاسم شامل لأمّة بكاملها.إنّ اسم (تُرك) الذي يحمل في طيّاته هذا المعنى الواسع، يشكّل دليلاً على أنّ هذا الاسم كان موجوداً قبل دولة كوك تُرك.وذكرت المصادر العربية والفارسية الآق هون (الهياطلة) باسم الترك، ومن المتّفق عليه أنّ الاسم الملحمي (طوران) أُخذ من كلمة (تُرك) وقد ذكر المؤلّف اللاتيني (بومبينيوس في القرن الميلادي الأوّل أنّه ثمّة قوم يعيشون بين نهري الأورال (ياييق) وإيتيل (الفولغا) ويطلق عليهم اسم (توركية) حتى إن عالم اللغة الصينية القديمة وهو (دو غروت) الشهير أفاد أنّه كان في شمال الصين قومٌ يطلق عليهم اسم (تيك) قبل الهون، وأنّ هذا الاسم له علاقة بالترك

إنّ اسم (الترك) لم يطلق على الترك فحسب فمع مرور الزمن غدت تشمل جيرانهم وأقربائهم من الشعوب فمثلاً المؤلفون المسلمون والنصارى في القرن السادس الميلادي كانوا يظنّون المجر القاطنين حوالي قوبان (كوبان) والمغول والقيطاي (الخيطائي) الساكنين في الشرق أيضاً تركاً (أتراكاً).وحتّى ملحمة أوغوزخان والجغرافيون المسلمون كانوا قد ضموا السلاو (السلاف) الذين كانوا يعيشون تحت حكم تحت حكم الترك إلى عامّة الترك.والعرب كانوا قد عدوا كل الشعوب التي تعيش وراء نهري آموداريا (جيحون) والذي يليه سيرداريا (سيحون) والمغول تركاً، وبذلك أصبح هذا الاسم جامعاً للترك الذين أسلموا والشامانيين وغيرهم من الترك الذين لم يسلموا.وقد تبنّى الترك المسلمون هذا التعميم، وكان القراخانيون المسلمون في الوقت نفسه يسمّون أنفسهم بالترك ومملكتهم بتركستان (القراخانيون نسبة إلى الدولة القراخانية وهي أوّل دولة تركية إسلامية) وكان القراخانيون قد جاهدوا بني عرقهم الأويغور، ولكي يعرّفوهم عن أنفسهم أطلقوا عليهم اسم (ترك) وعلى أنفسهم اسم (مسلمان) أي (مسلمين)
وبالمناسبة إنّ اسم (العجم) الذي أطلقه العرب على الفرس أوّلاً أضحى يطلق على كلّ الأقوام غير العربية، فغدا هذا الاسم يشمل الترك والمغول وسائر الذين كانوا يعيشون في شرقهم، ولهذا فإنّ خوارزم شاه علاء الدين محمّد الذي كانت تعيش بين عساكره وتوابعه أعداد كبيرة من الشامانيين القبجاق والقانْفْلى كان يعدّ الترك غير المسلمين والقراخطاي والمغول تركاً، ويعد حكّامهم من الخانات الترك، وكان أطلق على نفسه لقبي (بادِشاه العجم) أي (سلطان العجم) و(الإسكندر الثاني).وبمناسبة الاستنفارات المكثّفة للقرم (شبه جزيرة كانت تابعة للدولة العثمانية وهي الآن ضمن حدود جمهورية أوكرانيا. "المترجم") فإنّ شامانيّي القبجاق (رجال الدين) الذين كانوا يُعرفون باسم الترك أصبحوا يُذكرون باسم عامة المسلمين.أمّا السلاجقة والعثمانيون فقد كانوا يخصصون اسم الترك لذوي الثقافة الضعيفة بالإسلام من البدو والقرويين بعد أن كانوا يخصصونهم ببني جلدتهم الشامانيين على الرغم من أنّهم كانوا مرتبطين بانتمائهم التركي ومفتخرين بذلك كونهم من نسل أوغوزخان وآفراسياب

ومع ذلك فقد استخدموا اسم الترك خارج نطاق البدو والقرويين لأنفسهم بمعانيه الدالة على الأصالة والاستقامة والبطولة.إنّ هذا التفريق كان له الأولوية في عدم وجود تسمية أخرى تطلق على الشامانيين والمسلمين من الترك، وفي قلقهم بشأن عدم التمييز بينهم وبين غير المسلمين من الترك، وكان اسم الترك يستشري في الأوساط أكثر فأكثر في مثل هذه الحالات. والمصادر العثمانية الأولى كانت تفخر بتسميتهم باسم الترك دائماً على الرغم من أنّها ذات فكرٍ إسلامي عميق. هذا وإنّ البيزنطيين والأوربيين كانوا يذكرون السلاجقة والعثمانيين عموماً باسم الترك، ونادراً ما كانوا يستخدمون كلمتي (الأسرة المالكة) و (الدولة) بشأنهم.إنّ مولانا جلال الدين الرومي استخدم كلمة الترك مرّة بمعنى الغزاة كونه مدافعاً عن نظام الدولتين السلجوقية والإيلخانية وذلك بسبب عصيان الترك الرُحّل وتخريبهم ولاسيما القرامانيين وكان يقصد بذلك أولئك البدو وكان يُظهر ذلك للسلاجقة الذين يعرفون أنّه تركي. وهو نفسه قال في إحدى رباعياته "إنّ أصلي تركي" معطياً بذلك انتماءه التركي مكانة رفيعة
إنّ التغيرات الدينية والثقافية والزمنية على مرّ القرون من جهة، وهجرات الترك من جهة أخرى أدّت إلى ظهور فروق كثيرة في معنى حدود تركستان. ولكن رجال العلم الذين لم ينتبهوا لهذا الأمر، وقعوا في أخطاء فادحة في إدراك التاريخ التركي والاعتقاد بأن الترك كلهم رُحّل كان من الأسباب التي ساهمت في ظهور هذه المفاهيم الخاطئة والتشويشات، وهذا ما له علاقة بتأسيس دول: {القون (الهون) وكوك تُرك، والأويغور، والخزر، والقراخانيين، والسلاجقة، والعثمانيين}-وكلها تركية- على أيدي البدو. وكانت الدول التركية جميعاً تعتمد على البدو منذ عهد الهون لأنّها كانت منظمات وقوات عسكرية، ولكنّها في الوقت ذاته كانت تعتمد في إداراتها على الترك الحضاريين وساكني المدن زراعياً وصناعياً وتجارياً وثقافياً.وفي الحقيقة نحن أصحاب وثائق تاريخية غنيّة حول الحياة الثقافيّة والفنيّة لعدّة مدن عائدة لدول: الكوك تُرك والأويغور والخزر قبل الإسلام. وكان الخواقين (الخاقانات) الترك يقيمون في المدن شتاءً وفي مواقع جيوشهم الشبيهة بالمدن صيفاً

الميلاد العجيب لاغوزخان
…اغوز خان مؤسس اكبر دولة في التاريخ العالم ...هو مؤسس الامبراطورية الهونية الثانية التركية, والده تيومان- خان ابن بلغار خان, والدته اي- هان. عظيم ببطولاته و انتصارانه و بواسطة ملحمة "اوغوز- خان" اصبح ملكا على القوم التركي
اوغوز- خان هو الطفل الذي جاءت به اي- هان الى الدنيا و الذي اعطاه والده تيومان اسم" مته", كان اجمل من ملاك , ذو شفاه قرمزية و عينان زرقاوتان و حواجب سود و شعر اسود. لكن العجب لم يكن في مظهره فقط، بل في طباعه أيضًا. فقد رضع حليب أمه مرة واحدة فقط، ثم رفضه، طالبًا لحمًا نيئًا وحليب خيل ليشرب. وفي اليوم الأربعين من ولادته، بدأ بالمشي، وسرعان ما تعلّم ركوب الخيل، ومصارعة الرجال، وصيد الوعول. لم يكن طفلاً عادياً، بل كان عاصفة تهدر، وروحًا لا تُروَّض. لم تكن الدنيا تسعه، وسرعان ما أصبح شابًا قويًا عريض المنكبين، نحيل الخصر، مشرق الوجه، حاد النظرات، جريئًا لا يهاب شيئًا . لم يكن هذا طفلا فحسب , كان و كأنه عاصفة, لم تكن تسعه الدنيا , و بعد ايام و ليالي غدا رجلا لا يلوى له ذراع , عريض المنكبين, ذو خصر ذئبي هذا الرجل المقدام عند وصوله لسن الشباب كان قد ظهر في احدى الغابات المجاورة وحش ينشد الرعب في المنطقة, انتظر هذا الوحش بمفرده في الغابة و صارعه و استطاع قتله و قطع رأسه . احتفلت القبائل التركية بهذا العيد, عيد الخلاص من الوحش , و اجتمع امراء العشائر و قرروا ظهور البطل الذي يجمعهم تحت راية واحدة و بدأوا بالتجمع حوله تحت الراية الزرقاء.( اللتي الآن هي اللون الرمز للتركمان) مته الذي عرف باسم اوغوز- خان كان قد نصب خيمته المحتشمة فوق جبل الجليد و عندما كان ينجلي غسق الفجر دخل شعاع شمسي الى الخيمة و خرج من هذا الشعاع ذئب كبير ذو وبر رمادي و قال لاوغوز خان " أيها الاوغوز من الان فصاعدا سامشي انا في المقدمة فجمع اوغوز- خان جيشه و تعقب اثر الذئب . (لهذا يعد الذئب هو الحيوان الرمزي للجميع اقوام الترك )تجول اوغوز خان في اصقاع كثيرة من الارض متابعا اثر و خطوات الذئب, حارب حروبا عديدة و فتح بلدانا كثيرة و مد حدود الدولة التركية الكبيرة التي اسسها من بحر اليابان حتى نهر الفولغا. و انتصر على الصينيين و الحق بهم هزائم كثيرة.وكان اوغوز خان قد جمع القبائل التركية في بوتقة واحدة و سموه الاتراك ب" تانري قوت " التي تعني قدرة السماء, و بعد ان عين أمراء القبجاق, القارلق, القالاج, و قانقلي ولاة على البلاد التي فتحها رجع قافلا الى بلاده

المعركة الأولى: قتل الوحش
في إحدى الغابات القريبة، كان هناك وحش رهيب يزرع الرعب في قلوب الناس. لم يجرؤ أحد على مواجهته، لكنه لم يكن ليخيف أوغوز. خرج الصبي المقدام، وواجه الوحش وجهًا لوجه. كانت معركة شرسة، إلا أن قوته وبراعته مكّنته من الانتصار، فقتل الوحش وقطع رأسه
احتفت القبائل بهذا النصر العظيم، وتجمّع زعماؤها، ورأوا فيه القائد الذي انتظروه طويلاً، فبايعوه ليكون سيدهم وموحّدهم تحت راية واحدة
لقاء الذئب الرمادي: بداية الفتوحات
ذات يوم، نصب أوغوز خان خيمته فوق "جبل الجليد". ومع انبلاج الفجر، تسلّل شعاع الشمس إلى داخل الخيمة، وخرج منه ذئب كبير رمادي اللون. اقترب الذئب من أوغوز وقال له
من الآن فصاعدًا، سأمشي في المقدمة، اتبعني
رأى أوغوز في ذلك إشارة إلهية، فجمع جيشه وتبع الذئب في رحلته. ومنذ ذلك الحين، أصبح الذئب الرمادي رمزًا مقدسًا للأتراك
الإمبراطورية العظمى
قاد أوغوز جيشه في حملات عسكرية عظيمة، وخاض حروبًا عديدة، ففتح بلدانًا شاسعة، ومدّ حدود دولته من بحر اليابان شرقًا إلى نهر الفولغا غربًا، وسحق جيوش الصينيين في معارك طاحنة، موقِعًا بهم هزائم قاسية
تمكّن أوغوز من توحيد جميع القبائل التركية تحت راية واحدة، فلقّبه شعبه بـ "تانري كوت" (Tanrı Kuvvet) أي "قوة الإله"، إيمانًا منهم بأن قوته كانت هبة من السماء
الزواج وأبناء المستقبل
كان اوغوز خان قد تزوج مرتين . في البداية عندما كان يتضرع الى الله ظهر نور امامه و خرجت منه فتاة جميلة مثل جمال القمر. و الشامة الموجودة على وجهها كانت تشع مثل الماس و حين تضحك و كأن السماوات الزرقاء تضحك معها, و حين تبكي و كأن القوم التركي كله يبكي. لقد أغرم اوغوز خان بهذه الفتاة و اختارها زوجة له, و اعطى لها اسم " اشق- خان " وولدت له ثلاث صبيان هم: يلدز ,اي ,كون
و بعد سنين طويلة و عندما كان اوغوز خان في يوم ما يصطاد في احدى الغابات نقابل مع فتاة نادرة الجمال شعرها يشبه انصباب مياه النهر البلوري أما عيناها فكانتا تشبه بلا رقيب زرقة السماء , فأحبها الاوغوز و تزوجها و أنجب منها ثلاث صبيان هم: دنيز ,داغ ,كوك
كان الى جانب اوغوز خان عالم ابيض اللحى اسمه " اولوغ ترك " كظله لا يفارقه, كان يشاوره في كل امر قبل اتيانه. في احدى الليالي شاهد اولوغ في منامه قوسا من الذهب و ثلاثة سهام من الفضة, القوس كان يمتد من شروق الشمس الى غروبها و السهام الفضية كانت متجهة الى الشمال. في اليوم التالي تحدث العالم اولوغ ترك عن هذا الحلم الى الاوغوز و قدم له نصيحة. فجمع اوغوز خان اولاده و ارسل اولاده الثلاثة الكبار باتجاه الشرق , اما الثلاثة الصغار فأرسلهم باتجاه الغرب
عثر كل من: كون و اي و يلدز في طريقهم على قوس من الذهب, و بدورهم وجد كل من: كوك و ضاغ و دنيز ثلاثة سهام من الفضة. و احضروها الى والدهم الذي جمع المجلس الكبير " بويوك قورلتاي " و قام بتوزيع اراضي مملكته الشاسعة الواسعة التي استولى عليها بتجميع القبائل التركية ال24 تحت راية واحدة بين ابنائه الستة بحضور مجلسه الكبير و قومه قائلا: ( أيها الأبناء.....عشت كثيرا, حاربت مليا, رميت سهاما كثيرة, و هززت سيوفا كثيرة, أبكيت أعدائي و أضحكت الأصدقاء, هذا و اني أديت ما علي من الواجبات تجاه رب السماء, أعطيكم الان وطنيو عيشوا فوق هذا التراب بعلم و دراية و صحة و سعادة و لا تخرجوا عن أوامر رب السماء)و أغمض عيناه الملونتان بالازرق على الدنيا الزائلة الفانية
حلم الرجل الحكيم
إلى جانب أوغوز، كان هناك عالم ذو لحية بيضاء يُدعى "أولوغ تُرك" (Uluğ Türk)، وهو مستشاره الحكيم الذي كان يرافقه دائمًا
ذات ليلة، رأى الحكيم في منامه قوسًا ذهبية تمتدّ من المشرق إلى المغرب، وثلاثة سهام فضية تتجه نحو الشمال. وعندما استيقظ، أخبر أوغوز بما رآه، وقال له
"هذه إشارة من السماء، وهي تعني أن أبناءك سيحكمون العالم
تقسيم المملكة بين الأبناء
جمع أوغوز أبناءه الستة، وأرسل الثلاثة الكبار
-Gün (الشمس)
- Ay (القمر)
- Yıldız (النجم)
إلى الشمال، حيث وجدوا هناك قوسًا ذهب
ثم أرسل أبناءه الثلاثة الصغار
- Gök (السماء)
- Dağ (الجبل)
- Denz (البحر)
إلى الغرب، حيث وجدوا ثلاثة سهام فضية
عندما عاد الأبناء إلى والدهم حاملين القوس والسهام، عقد مجلسه الكبير "كورولتاي" (Kurultay)بحضور جميع زعماء القبائل، وقسّم المملكة بينهم، وأوصاهم قائلاً
"أيها الأبناء، لقد عشت طويلاً، وخضت معارك لا تُحصى، ورميت سهامًا لا تُعدّ، وأبكيت أعدائي، وأسعدت شعبي. قد أدّيت واجبي تجاه رب السماء، والآن أترك لكم هذه الأرض. احكموها بالعدل، وعيشوا فوقها بالعلم والصحة والسعادة، ولا تعصوا أمر السماء
ثم أغمض عينيه ورحل عن هذه الدنيا، تاركًا وراءه إرثًا خالدًا
إرث أوغوز خان
بعد وفاته، استمر أبناؤه وأحفاده في توسيع دولته، وأصبحوا أجدادًا للعديد من القبائل التركية العظيمة. كانت أسطورة أوغوز خان هي الأساس الذي استندت إليه الدول التركية العظمى عبر التاريخ، مثل السلاجقة، والخوارزميين، والعثمانيين
وهكذا، بقي اسم أوغوز خان خالدًا في وجدان الأتراك، بصفته الموحِّد الأول، والقائد الذي جمع أبناء أمته تحت راية واحدة، ليبدأوا رحلة المجد التي ستستمر قرونًا طويلة
الدكتور مختار فاتح بي ديلي
المصادر
الأوغوزنامة: حكايات الجد قورقوت – ملاحم من التراث الشعبي الأوغوزي (التركماني) كتاب ملاحم من التراث الشعبي الأوغوزي ( التركماني ) ترجمة الاستاذ فاروق مصطفى -
اسم الترك ووطنهم الأم ... بـقلــم : ضياء كوك ألب ..ترجـمـــة : طارق خاقان -
أسطورة اغوز خان ...ديار الهرمزي ..دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات الحوار المتمدن-العدد: 7463 - 2022 -
محمد بن أبو بكر الرازي (2017). مختار الصحاح (ط. الرابعة). دار الإرشاد للنشر. ص. 154 -
السلاجقة والعثمانيون من أصل واحد - نهر الذهب فى تاريخ حلب - جـ ٣ ..كامل الغزي -
كتاب الأوغوز التركمان للبروفسور التركي فاروق سومر ( استاذ التاريخ في جامعة انقرة و احد اكبر المؤرخين في العالم التركي) -
Grousset, R. The Empire of the Steppes. Rutgers University Press, 1991, p. 148.
