Tarih: 18.02.2025 10:43

18/2 08:06] Muhtar Fatih Halep: تركيا وتركمانستان.. هل يشكل اتفاق الغاز تحولًا في موازين الطاقة الإقليمية؟

Facebook Twitter Linked-in

 بعد أكثر من ربع قرن من المفاوضات، وقّعت تركيا وتركمانستان اتفاقًا لتوريد الغاز الطبيعي التركماني إلى الأراضي التركية، في خطوة تحمل أبعادًا تتجاوز مجرد التعاون الاقتصادي، لترسم ملامح جديدة في خريطة أمن الطاقة الإقليمي. الاتفاق، الذي تم توقيعه بين شركة "بوتاش" التركية و"تركمان غاز" التركمانية، ينص على بدء عمليات تسليم الغاز في الأول من مارس/آذار 2025، ما يعزز جهود أنقرة لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على مزوّدين تقليديين.  

تركيا وسعيها لتنويع الإمدادات  

تمثل هذه الخطوة امتدادًا لاستراتيجية أنقرة في تأمين احتياجاتها المتزايدة من الغاز الطبيعي، والتي تجاوزت 50 مليار متر مكعب سنويًا. وتعتمد تركيا حاليًا على مزيج من الغاز المنقول عبر الأنابيب من روسيا وأذربيجان وإيران، إضافة إلى واردات الغاز الطبيعي المسال من عدة دول. ووفقًا لأحدث تقرير صادر عن هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية، بلغت واردات تركيا من الغاز في عام 2023 نحو 50.48 مليار متر مكعب، حيث جاءت روسيا في المرتبة الأولى بنسبة 42.27%، تليها أذربيجان (20.32%)، ثم الجزائر (11.86%)، فإيران (10.71%)، والولايات المتحدة (7.95%).  

مع دخول الغاز التركماني إلى السوق التركية، يمكن لأنقرة تقليل اعتمادها على بعض المورّدين التقليديين، لا سيما روسيا وإيران، مما يعزز أمن الطاقة ويمنح تركيا مرونة أكبر في التفاوض بشأن أسعار الغاز وعقوده طويلة الأمد.  

الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية  

يأتي هذا الاتفاق في سياق متغيرات إقليمية ودولية مهمة، حيث تسعى تركيا إلى ترسيخ دورها كمركز محوري للطاقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي الذي يجعلها نقطة عبور رئيسية لموارد الطاقة بين الشرق والغرب. ومن شأن هذا الاتفاق أن يعزز التعاون التركي-التركماني، خاصة في ظل تقارب أنقرة مع جمهوريات آسيا الوسطى الناطقة بالتركية ضمن إطار منظمة الدول التركية  

كما أن الاتفاق يعكس توجّه عشق آباد نحو تنويع أسواق صادراتها، بعد أن كانت تعتمد بشكل أساسي على الصين كمشترٍ رئيسي للغاز التركماني. وبهذا، قد يشكل الاتفاق بوابة لتركمانستان لدخول الأسواق الأوروبية مستقبلًا عبر الأراضي التركية، في حال تم توسيع البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز إلى أوروبا.  

تحديات وفرص مستقبلية

رغم التفاؤل الذي رافق توقيع الاتفاق، تظل هناك تحديات تقنية وجيوسياسية قد تؤثر على تنفيذه، من بينها الحاجة إلى تطوير خطوط الأنابيب والبنية التحتية اللازمة لنقل الغاز التركماني إلى تركيا، فضلًا عن أي تعقيدات سياسية قد تنشأ نتيجة المنافسة في سوق الطاقة الإقليمي.  

مع ذلك، يُنظر إلى هذا الاتفاق على أنه خطوة استراتيجية يمكن أن تمهّد لمزيد من التعاون بين أنقرة وعشق آباد، وربما تفتح المجال أمام مشاريع طاقوية أوسع تشمل دولًا أخرى في المنطقة، ما يجعل من تركيا لاعبًا أكثر تأثيرًا في معادلة أمن الطاقة الإقليمي والدولي

الدكتور مختار فاتح بي ديلي




Orjinal Habere Git
— HABER SONU —